قال الله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) [الفرقان:
67]، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) [وقد يكون الإسراف في الأكل أن يأكل فوق الشبع حتى يؤديه إلى الضرر، فذلك محرم أيضا.
قوله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق). روي عن الحسن وقتادة: " أن العرب كانت تحرم السوائب والبحائر، فأنزل الله تعالى ذلك ".
وقال السدي: " وكانوا يحرمون في الإحرام أكل السمن والأدهان، فأنزل الله تعالى هذه الآية ردا لقولهم "، وفيه تأكيد لما قدم إباحته في قوله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) الآية والطيبات من الرزق قيل فيه وجهان، أحدهما: ما استطابه الانسان واستلذه من المأكول والمشروب، وهو يقتضي إباحة سائر المأكول والمشروب إلا ما قامت دلالة تحريمه. والثاني: الحلال من الرزق.
قوله تعالى: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة). يعني أن الله تعالى أباحها وهي خالصة يوم القيامة لهم من شوائب التنغيص والتكدير. وقيل: هي خالصة لهم دون المشركين.
وقوله تعالى: (إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق). قال مجاهد: " الفواحش الزنا وهو الذي بطن، والتعري في الطواف وهو الذي ظهر ". وقيل: القبائح كلها فواحش، أجمل ذكرها بديا ثم فصل وجوهها فذكر أن منها الإثم والبغي والإشراك بالله، والبغي هو طلب الترأس على الناس بالقهر والاستطالة عليهم بغير حق. وقوله: (والإثم) مع وصفه الخمر والميسر بأن فيهما إثم، وقوله تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير) [البقرة: 219] يقتضي تحريم الخمر والميسر أيضا.
قوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية). فيه الأمر بالإخفاء للدعاء. قال الحسن في هذه الآية: علمكم كيف تدعون ربكم، وقال لعبد صالح رضي دعاءه: (إذ نادى ربه نداء خفيا) [مريم: 3]. وروى مبارك عن الحسن قال: " كانوا يجتهدون في الدعاء ولا يسمع إلا همسا ". وروى أبو موسى الأشعري قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعهم يرفعون أصواتهم فقال: " يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ". وروى سعد بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي ". وروى بكر بن خنيس عن ضرار عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عمل البر كله نصف العبادة والدعاء نصف العبادة ". وروى سالم عن أبيه عن عمر قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع