حدثنا محمد بن العلاء وهناد بن السري قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد، وعن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذاك أضعف الإيمان ".
وحدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو الأحوص قال: حدثنا أبو إسحاق عن ابن جرير عن جرير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا عليه فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا ". فأحكم الله تعالى فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كتابه وعلى لسان رسوله.
وربما ظن من لا فقه له أن ذلك منسوخ أو مقصور الحكم على حال دون حال، وتأول فيه قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وليس التأويل على ما يظن هذا الظان لو تجردت هذه الآية عن قرينة، وذلك لأنه قال: (عليكم أنفسكم) يعني: احفظوها لا يضركم من ضل إذا اهتديتم، ومن الاهتداء اتباع أمر الله في أنفسنا وفي غيرنا، فلا دلالة فيها إذا على سقوط فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقد روي عن السلف في تأويل الآية أحاديث مختلفة الظاهر وهي متفقة في المعنى، فمنها ما حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر على المنبر يقول: يا أيها الناس إني أراكم تؤولون هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الناس إذا عمل فيهم بالمعاصي ولم يغيروا أوشك أن يعمهم الله بعقابه "، فأخبر أبو بكر أن هذه الآية لا رخصة فيها في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه لا يضره ضلال من ضل إذا اهتدى هو بالقيام بفرض الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وحدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في هذه الآية: (لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) قال: " يعني من أهل الكتاب "، وقال أبو عبيد:
وحدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في هذه الآية قال: " من اليهود والنصارى ومن ضل من غيرهم ". فكأنهما ذهبا إلى أن هؤلاء قد أقروا ولا يجوز لنا نقض عهدهم بإجبارهم على الاسلام، فهذا لا يضرنا الإمساك عنه. وأما ما لا يجوز الإقرار عليه من