وقال ابن سيرين: " أفضله اللحم وأوسطه السمن وأحسنه التمر مع الخبز "، وروي عن عبد الله بن مسعود مثله.
قال أبو بكر: أمر النبي صلى الله عليه وسلم سلمة بن صخر أن يكفر عن الظهار بإعطاء كل مسكين صاعا من تمر، ولم يأمره معه بشئ آخر غيره من الإدام، وأمر كعب بن عجرة أن يتصدق بثلاثة آصع من طعام على ستة مساكين، ولم يأمره بالإدام ولا فرق عند أحد بين كفارة الظهار وكفارة اليمين في مقدار الطعام، فثبت بذلك أن الإدام غير واجب مع الطعام وأن الأواسط المراد بالآية الأوسط في مقدار الطعام لا في ضم الإدام إليه.
مطلب: في الاحتجاج في جواز إعطاء مسكين واحد جميع الطعام في عشرة أيام كل يوم نصف صاع وقوله تعالى: (فكفارته إطعام عشرة مساكين) عموم في جميع من يقع عليه الاسم منهم، فيصح الاحتجاج به في جواز إعطاء مسكين واحد جميع الطعام في عشرة أيام كل يوم نصف صاع، لأنا لو منعناه في اليوم الثاني كنا قد خصصنا الحكم في بعض ما انتظمه الاسم دون بعض، لا سيما فيمن قد دخل في حكم الآية بالاتفاق، وهو قول أصحابنا.
وقال مالك والشافعي: لا يجزي.
فإن قال قائل: لما ذكر عشرة مساكين لم يجز الاقتصار على من دونهم، كقوله تعالى: (فاجلدوهم ثمانين جلدة) [النور: 4]، وقوله تعالى: (أربعة أشهر وعشرا) [البقرة: 234] وسائر الأعداد المذكورة لا يجوز الاقتصار على ما دونها، كذلك غير جائز الاقتصار على الأقل من العدد المذكور. قيل له: لما كان القصد في ذلك سد جوعة المساكين لم يختلف فيه حكم الواحد والجماعة بعد أن يتكرر عليهم الإطعام أو على واحد منهم في عشرة أيام على حسب ما يحصل به سد الجوعة، فكان المعنى المقصود بإعطاء العشرة موجودا في الواحد عند تكرار الدفع والإطعام في عدد الأيام، وليس يمتنع إطلاق اسم إطعام العشرة على واحد بتكرار الدفع إذ كان المقصد فيه تكرار الدفع لا تكرار المساكين، كما قال تعالى: (يسألونك عن الأهلة) [البقرة: 189] وهو هلال واحد، فأطلق عليه اسم الجمع لتكرار الرؤية في الشهور. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستنجاء بثلاثة أحجار، ولو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف أجزأه. وكذلك أمر برمي الجمار بسبع حصيات، ولو رمى بحصاة واحدة سبع مرات أجزأه، لأن المقصد فيه حصول الرمي سبع مرات، والمقصد في الاستنجاء حصول المساحات دون عدد الأحجار. فكذلك لما كان المقصد في اخراج الكفارة سد جوعة المساكين لم يختلف حكم الواحد إذا تكرر ذلك