الله عز وجل: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) [الإسراء: 78] وهو يقع على الغروب لما بيناه فيما سلف، وقال تعالى: (وزلفا من الليل) [هود: 114] وهو ما قرب منه من النهار، وهو أول أوقاته والله أعلم. وقال تعالى: (فسبحان الله حين تمسون) [الروم:
17] قيل فيه إنه وقت المغرب. وفي أخبار المواقيت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ابن عباس وجابر وأبي سعيد وغيرهم: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب في اليومين جميعا حين غابت الشمس ". وقال سلمة بن الأكوع: " كنا نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تواترت بالحجاب ".
وقد ذهب شواذ من الناس إلى أن أول وقت المغرب حين يطلع النجم، واحتجوا بما روى أبو تميم الجيشاني عن أبي بصرة الغفاري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فقال: " إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها منكم أوتي أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد، والشاهد النجم ". وهذا حديث شاذ لا تعارض به الأخبار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول وقت المغرب أنه حين تغيب الشمس، وقد روي ذلك أيضا عن جماعة من الصحابة منهم عمر وعبد الله وعثمان وأبي هريرة. ويحتمل أن يكون خبر أبي بصرة في ذكر طلوع الشاهد غير مخالف لهذه الأخبار، وذلك لأن النجم قد يرى في بعض الأوقات بعد غروب الشمس قبل اختلاط الظلام، فلما كان الغالب في ذلك أنه لا يكاد يخلو من أن يرى بعض النجوم بعد غروب الشمس جعل ذلك عبارة عن غيبوبة الشمس. وأيضا فلو كان الاعتبار برؤية النجم لوجب أن تصلى قبل الغروب إذا رئي النجم، لأن بعض النجوم قد يرى في بعض الأوقات قبل الغروب، ولا خلاف أنه غير جائز فعلها قبل الغروب مع رؤية الشاهد، فسقط بذلك اعتبار طلوع الشاهد.
وأما آخر وقت المغرب فإن أهل العلم مختلفون فيه، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر ومالك والثوري والحسن بن صالح: " لوقت المغرب أول وآخر كسائر الصلوات ". وقال الشافعي: " ليس للمغرب إلا وقت واحد ". ثم اختلف من قال بأن له أولا وآخرا في آخر وقتها، فقال أصحابنا والثوري والحسن بن صالح: " آخر وقتها أن يغيب الشفق ". ثم اختلفوا في الشفق، فقال أبو حنيفة: " الشفق البياض ". وقال أبو يوسف ومحمد وابن أبي ليلى ومالك والثوري والحسن بن صالح والشافعي: " الشفق الحمرة ". وقال مالك: " وقت المغرب والعشاء إلى طلوع الفجر ".
قال أبو بكر: وقد اختلف السلف أيضا في الشفق ما هو، فقال بعضهم: " هو البياض "، وقال بعضهم: " الحمرة ". فممن قال إنه الحمرة ابن عباس وابن عمر