ورحمة الله "، وإذا قال: " السلام عليكم ورحمة الله " قال هو: " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ".
قوله تعالى: (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا)، روي عن ابن عباس: " أنها نزلت في قوم أظهروا الاسلام بمكة وكانوا يعينون المشركين على المسلمين "، وروي مثله عن قتادة. وقال الحسن ومجاهد: " نزلت في قوم قدموا المدينة فأظهروا الاسلام ثم رجعوا إلى مكة فأظهروا الشرك ". وقال زيد بن ثابت: " نزلت في الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وقالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم ". وفي نسق الآية دلالة على خلاف هذا التأويل الأخير وأنهم من أهل مكة، وهو قوله تعالى: (فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله).
وقوله تعالى: (أركسهم) قال ابن عباس: " ردهم ". وقال قتادة: " أركسهم أهلكهم ". وقال غيرهم: " أركسهم نكسهم ". قال الكسائي: " أركسهم وركسهم بمعنى " وإنما المعنى ردهم في حكم الكفر من الصغار والذلة، وقيل من السبي والقتل، لأنهم أظهروا الارتداد بعدما كانوا على النفاق. وإنما وصفوا بالنفاق وقد أظهروا الارتداد عن الاسلام لأنهم نسبوا إلى ما كانوا عليه قبل من إضمار الكفر، قاله الحسن. وقال النحويون: هذا يحسن مع علم التعريف وهو الألف واللام، كما تقول: " هذه العجوز هي الشابة " يعني هي التي كانت شابة، ولا يجوز " هذه شابة ". فأبان تعالى للمسلمين بهذه الآية عن أحوال هذه الطائفة من المنافقين أنهم يظهرون لكم الاسلام وإذا رجعوا إلى قومهم أظهروا الكفر والردة، ونهى المسلمين عن أن يحسنوا بهم الظن وأن يجادلوا عنهم.
قوله تعالى: (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) يعني هذه الطائفة، أخبر بذلك عن ضمائرهم واعتقاداتهم لئلا يحسن المؤمنون بهم الظن وليعتقدوا معاداتهم والبراءة منهم.
وقوله تعالى: (فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله) يعني والله أعلم: حتى يسلموا ويهاجروا، لأن الهجرة بعد الاسلام، وأنهم وإن أسلموا لم تكن بيننا وبينهم موالاة إلا بعد الهجرة، وهو كقوله تعالى: (ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) [الأنفال: 72]، وهذا في حال ما كانت الهجرة فرضا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا برئ من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين، وأنا برئ من كل مسلم أقام مع مشرك "، قيل: ولم يا رسول الله؟ قال: " لا تراءى ناراهما ". فكانت الهجرة فرضا إلى أن فتحت مكة فنسخ فرض الهجرة. حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا