أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ٢٣٢
قبل النساء أنه ليس بعصبة. ومولى العتاقة عصبة للعبد المعتق ولا ولادة، وكذلك أولاد المعتق الذكور منهم يكونون عصبة للعبد المعتق إذا مات أبوهم، ويصير ولاؤه لهم دون الإناث من ولده. ولا يكون أحد من النساء عصبة بالولاء إلا ما أعتقت أو أعتق من أعتقت. وإنما صار مولى العتاقة عصبة بالسنة، ويجوز أن يكون مرادا بقوله تعالى:
(ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) إذ كان عصبة ويعقل عنه كما يعقل عنه بنو أعمامه.
فإن قيل: الميت ليس هو من أقرباء مولى العتاقة ولا من والديه. قيل له: إذا كان معه وارث من ذوي نسبة من الميت نحو البنت والأخت، جاز دخوله معهم في هذه الفريضة، فيستحق بأصل السهام وإن لم يكن هو من أقرباء الميت، إذ كان في الورثة ممن يجوز أن يقال فيه إنه مما ترك الوالدان والأقربون، فيكون بعض الورثة قد ورث الوالدين والأقربين.
واختلف أهل العلم في ميراث المولي الأسفل من الأعلى، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر ومالك والثوري والشافعي وسائر أهل العلم: " لا يرث المولى الأسفل من المولى الأعلى ". وحكى أبو جعفر الطحاوي عن الحسن بن زياد قال: " يرث المولى الأسفل من الأعلى "، وذهب فيه إلى حديث رواه حماد بن سلمة وحماد بن زيد ووهب بن خالد ومحمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن عوسجة مولى ابن عباس عن ابن عباس: " أن رجلا أعتق عبدا له، فمات المعتق ولم يترك إلا المعتق، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه للغلام المعتق ". قال أبو جعفر: وليس لهذا الحديث معارض فوجب إثبات حكمه. قال أبو بكر: يجوز أن يكون دفعه إليه لا على وجه الميراث لكنه لحاجته وفقره، لأنه كان مالا لا وارث له فسبيله أن يصرف إلى ذوي الحاجة والفقراء.
فإن قيل: لما كانت الأسباب التي يجب بها الميراث هي الولاء والنسب والنكاح، وكان ذوو الأنساب يتوارثون وكذلك الزوجان، وجب أن يكون الولاء من حيث أوجب الميراث للأعلى من الأسفل أن يوجبه للأسفل من الأعلى. قال أبو بكر: هذا غير واجب، لأنا قد وجدنا في ذوي الأنساب من يرث غيره ولا يرثه هو إذا مات، لأن امرأة لو تركت أختا أو ابنة وابن أخيها كان للبنت النصف والباقي لابن الأخ، ولو كان مكانها مات ابن الأخ وخلف بنتا أو أختا وعمته لم ترث العمة شيئا، فقد ورثها ابن الأخ في الحال التي لا ترثه هي، والله تعالى أعلم بالصواب.
باب ولاء الموالاة قال الله تعالى: (والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم). روى طلحة بن
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»