أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ٢٣٧
يجب من رعاية حاله وما يلزم من صيانة نفسها له ". قال عطاء في قوله: " بما حفظ الله): أي بما حفظهن الله في مهورهن وإلزام الزوج من النفقة عليهن ". وقال آخرون:
(بما حفظ الله): " إنهن إنما صرن صالحات قانتات حافظات بحفظ الله إياهن من معاصيه وتوفيقه وما أمدهن به من ألطافه ومعونته ". وروى أبو معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها خلفتك في مالك ونفسها " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) الآية. والله الموفق.
باب النهي عن النشوز قال الله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن). قيل في معنى تخافون معنيان، أحدهما: يعلمون، لأن خوف الشئ إنما يكون للعلم بموقعه، فجاز أن يوضع مكان " يعلم " " يخاف "، كما قال أبو محجن الثقفي:
ولا تدفنني بالفلاة فإنني * أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها ويكون خفت بمعنى ظننت، وقد ذكره الفراء. وقال محمد بن كعب: " هو الخوف الذي هو خلاف الأمن، كأنه قيل: تخافون نشوزهن بعلمكم بالحال المؤذنة به ". وأما النشوز، فإن ابن عباس وعطاء والسدي قالوا: " أراد به معصية الزوج فيما يلزمها من طاعته "، وأصل النشوز الترفع على الزوج بمخالفته، مأخوذ من نشز الأرض وهو الموضع المرتفع منها. وقوله تعالى: (فعظوهن)، يعني خوفوهن بالله وبعقابه. وقوله تعالى: (واهجروهن في المضاجع) قال ابن عباس وعكرمة والضحاك والسدي: " هجر الكلام ". وقال سعيد بن جبير: " هجر الجماع ". وقال مجاهد والشعبي وإبراهيم: " هجر المضاجعة ".
وقوله: (واضربوهن)، قال ابن عباس: " إذا أطاعته في المضجع فليس له أن يضربها ". وقال مجاهد: " إذا نشزت عن فراشه يقول لها اتقي الله وارجعي ". وحدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وعثمان بن أبي شيبة وغيرهما قالوا: حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه خطب بعرفات في بطن الوادي فقال: " اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ". وروى ابن جريج عن عطاء قال: " الضرب غير المبرح بالسواك
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»