أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ١٤١
النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى "، والله أعلم بالصواب.
باب ما يحرم من النساء قال الله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء). قال أبو بكر: أخبرنا أبو عمر غلام ثعلب قال: الذي حصلناه عن ثعلب عن الكوفيين والمبرد عن البصريين أن النكاح في أصل اللغة هو اسم للجمع بين الشيئين، تقول العرب: " أنكحنا الفرا فسنرى " هو مثل ضربوه للأمر يتشاورون فيه ويجتمعون عليه ثم ينظر عما ذا يصدرون فيه، معناه:
جمعنا بين الحمار وأتانه.
مطلب: في النكاح يطلق على الوطء حقيقة وعلى العقد مجازا قال أبو بكر: إذا كان اسم النكاح في حقيقة اللغة موضوعا للجمع بين الشيئين، ثم وجدناهم قد سموا الوطء نفسه نكاحا من غير عقد كما قال الأعشى:
ومنكوحة فإن غير ممهورة * وأخرى يقال له فادها يعني المسبية الموطوءة بغير مهر ولا عقد، وقال الآخر:
ومن أيم قد أنكحتها رماحنا * كما وأخرى على عم وخال تلهف وهذا يعني المسبية أيضا، ومنه قول الآخر أيضا:
فنكحن أبكارا وهن بأمة * أعجلنهن مظنة الأعذار وهو يعني الوطء أيضا، ولا يمتنع أحد من إطلاق اسم النكاح على الوطء. وقد تناول الاسم العقد أيضا، قال الله تعالى: (إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) [البقرة: 237] والمراد به العقد دون الوطء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا من نكاح ولست من سفاح "، فدل بذلك على معنيين، أحدهما: أن اسم النكاح يقع على العقد، والثاني: دلالته على أنه قد يتناول الوطء من غير عقد لولا ذلك لاكتفى بقوله: أنا من نكاح، إذ كان السفاح لا يتناول اسم النكاح بحال، فدل قوله: " ولست من سفاح " بعد
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»