الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٤٠
ومضافا إلى ذلك فإن لها من الجمالية العلمية والأسرار المخفية ما لا يصدق، ويكفيك لجماليتها أنها جعلت أنظار العلماء تشخص إليها منذ آلاف السنين حتى زماننا الذي ما توصل العلماء إلى صناعة المرقبات (التلسكوبات)، إلا للوصول لاكتشاف أسرار جديدة عن هذا العالم الدائب الملتهب رغم صمته.
ويضيف في الآية التالية: وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين.
الآية المذكورة، من الآيات التي أشبعت شرحا وتفسيرا من قبل المفسرين، وكل منهم قد نحى منحى خاصا في فهم معناها.
وقد ورد ذات المضمون في سورة الصافات (الآيتان 6 و 7) وكذلك في سورة الجن الآية (9).
وربما ارتسمت في أذهان البعض أسئلة لم يسعفوا بالإجابة عنها، فكان لزاما علينا في بادئ الأمر أن نلقي نظرة إلى آراء كبار المفسرين فيما يخص الموضوع الذي نحن بصدده، ومن ثم نعرج إلى ما نراه راجحا من هذه الآراء:
1 - بعض المفسرين ومنهم صاحب تفسير (في ظلال القرآن) قد اكتفوا بالتفسير الإجمالي ولم يغوصوا إلى كثير من التفاصيل، ولم يعيروا أهمية لكثير من المسائل على اعتبار أنها حقائق فوق البشر ولا يمكننا إدراكها، وما علينا إلا أن نهتم بالآيات التي ترتب الآثار على حياتنا العملية وتنظم لنا السلوك والتوجه إلى الحق.
فكتب يقول: وما الشيطان؟ وكيف يحاول استراق السمع؟ وأي شئ يسترق؟..
كل هذا غيب من غيب الله لا سبيل لنا إليه إلا من خلال النصوص، ولا جدوى في الخوض فيه، لأنه لا يزيد شيئا في العقيدة ولا يثمر إلا انشغال العقل البشري بما ليس من اختصاصه، وبما يعطله عن عمله الحقيقي في هذه الحياة، ثم
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»