المتابعة، كلاهما دليل على وجود نوع من الاتحاد وارتباط الفكري والديني في مفهوم (الشيعة) و (التشيع).
وإطلاق لفظ (شيع) على الأقوام السابقة يدل على أنهم في قبال دعوة الأنبياء عليهم السلام كانوا متحدين في توجههم ومتآزرين متعاضدين في عملهم.
فإن كان لأهل الضلال هذا الاتحاد والتنسيق أفلا ينبغي لأتباع الحق أن يسيروا على نور هديه متكاتفين ومتآزرين؟
2 - مرجع الضمير في " نسلكه ":
من لطف الباري جل شأنه أن يوصل ويفهم آياته للمجرمين والمخالفين بطرق شتى، عسى أن تستقر في قلوبهم، ولكن عدم صلاحية ولياقة المحل يكون سببا لخروجها من تلك الأجواف النتنة، فتبقى قلوبا غير متأثرة، شبيها بمرور الغذاء النافع في معدة مريضة فلا تتقبله وتقذفه إلى الخارج. (ويستفاد هذا المعنى من (السلوك) المادة الأصلية لعبارة " نسلكه ").
وعلى هذا الأساس فضمير " نسلكه " يعود إلى " الذكر " أي القرآن كما ورد في الآيات المتقدمة، وكذلك حال الضمير في لا يؤمنون به يعود إليه أيضا، أي: إنهم مع كل ذلك لا يؤمنون بالذكر.
فنلحظ التوافق التام بين الضميرين بالضبط كما جاء في سورة الشعراء في الآيتين 200 و 201.
وذهب بعض المفسرين إلى أن ضمير " نسلكه " يعود إلى الاستهزاء المذكور في الآية المتقدمة لها، فيكون المعنى: إنا ندخل الاستهزاء والسخرية في قلوبهم نتيجة لذنوبهم وعنادهم.
ويكفينا لتضعيف هذا التفسير أن نقول: إنه يذهب بالتناسق بين الضميرين.
ونستفيد كذلك من عبارة " نسلكه " أن على المبلغ والمرشد أن لا يكتفي في أداء وظيفته بايصال صوته إلى أسماع الناس، بل عليه أن يطرق كل الآفاق حتى