الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٧
(باتوا) من البيتوتة الليل.
ويميل إلى هذا المعنى غالب المفسرين ولكن العجيب أن بعض المفسرين احتملوا عودة ضمير " ظلوا " إلى الملائكة، فيكون المعنى: أنهم لو رأوا الملائكة تصعد وتنزل من السماء بأم أعينهم لما آمنوا أيضا.
ولكن إضافة لعدم انسجام هذا الاحتمال مع تسلسل الآيات السابقة واللاحقة التي تتحدث عن المشركين، أن ذكر الملائكة إنما ورد قبل ست آيات (فعودة الضمير إلى الملائكة بعيد جدا) فإن هذا المعنى يقلل من بلاغة العبارة القرآنية، لأن القرآن يريد أن يقول أن المشركين لا يستسلمون للحق حتى لو صعدوا وهبطوا من السماء مرارا في ساعات النهار.
5 - معنى عبارة سكرت أبصارنا.
جملة " سكرت " من مادة (سكر) أي: التغطية.
ويراد بها: أن الكافرين المعاندين يقولون: قد غطيت عيوننا عن رؤية الواقعيات، وإذا رأينا أنفسنا نصعد إلى السماء وننزل إلى الأرض سنحكم على ذلك بأنه وهم وخيال، كما في ما يسمى بالشعوذة التي يستفيد صاحبها من خفة حركة يده فيخدع أنظار الحاضرين بها.
ويضيفون القول: بل نحن قوم مسحورون، فبالرغم من أن الشعوذة هي لون من ألوان السحر، لكنهم ربما يشيرون إلى ما هو أشد من الشعوذة التي تختص بخداع البصر فقط، ألا وهو السحر الكامل الذي يغطي على كل وجود الانسان ويفقد معه الإحساس بكل ما هو واقع!
فلو أغلقنا عين انسان ما فإنه لا يفقد الشعور فيما لو أنه يصعد به إلى الأعلى أو ينزل إلى الأسفل.
فمعنى الآية: لو أخذنا المشركين إلى أقطار السماوات لقالوا أولا: إننا أصبنا بالشعوذة، وبعد أن يجدوا أن هذه العملية لا تتوقف على العين فقط فسيقولون حينها: إننا مسحورون!
* * *
(٣٧)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»