الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٥١
وقد وردت الإشارة في بعض الروايات لهذا المعنى، ففي رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) عندما سئل عن تفسير هذه الآية أنبتنا فيها من كل شئ موزون، أنه قال: " فإن الله تبارك وتعالى انبت في الجبال الذهب والفضة والجوهر والصفر والنحاس والرصاص والكحل والزرنيغ وأشباه هذه لا يباع إلا وزنا " (1).
وهناك من ذهب إلى أن المقصود من الإنبات في الآية إلى معنى أوسع يشمل جميع المخلوقات على هذه الأرض، كما يشير إلى ذلك نوح (عليه السلام) حين مخاطبته قومه والله أنبتكم من الأرض نباتا (2).
وعليه، فليس هناك ما يمنع من إطلاق مفهوم الإنبات في الآية ليشمل النبات والبشر والمعادن... الخ.
وبما أن وسائل وعوامل حياة الإنسان غير منحصرة بالنبات والمعادن فقط، ففي الآية التالية يشير القرآن الكريم إلى جميع المواهب بقوله: وجعلنا لكم فيها معايش.
ليس لكم فقط، بل لجميع الكائنات الحية حتى الخارجة عن مسؤوليتكم ومن لستم له برازقين.
نعم، لقد كفينا الجميع احتياجاتهم.
" معايش " جمع " معيشة "، وهي: الوسائل والمستلزمات التي تتطلبها حياة الإنسان، والتي يحصل عليها بالسعي تارة، وتأتيه بنفسها تارة أخرى.
ومع أن بعض المفسرين قد حصر كلمة " معايش " بالزراعة والنبات أو الأكل والشرب فقط، ولكن مفهومها اللغوي أوسع من أن يخصص، ويطلق ليشمل كل ما يرتبط بالحياة من وسائل العيش.
وانقسم المفسرون في تفسير من لستم له برازقين إلى قسمين:

1 - تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 6 (يعود ضمير " فيما " بناءا على هذا التفسير إلى الجبال).
2 - سورة نوح، 17.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»