الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٩
العقرب أو القوس.
ويعتبر وجود الأبراج السماوية، وكذلك النظام الدقيق في حركة منازل الشمس والقمر ضمن هذه البروج (وهو التقويم المجسم لعالم وجودنا)، يعتبر من الأدلة الواضحة على علم وقدرة الخالق جل وعلا.
إن هذا النظام العجيب بما يحمل من دقة في حساب تشكيله يكشف لنا وجود هدف لخلق هذا العالم، وكلما أمعنا النظر في خلق الله ازددنا مقربة من معرفة الخالق الجليل.
ثم يضيف: زيناها للناظرين (1).
انظروا لاحدى الليالي المظلمة ذات النجوم الكثيرة فسترون مجموعات نجمية ائتلفت فيما بينها في كل زاوية من زوايا السماء، وكأنها حلقات تنظيمية تتجاذب أطراف الحديث، وترى تلك كأنها ترمقنا شابحة، وأخرى تغمزنا باستمرار وكأنها تدعونا إليها، ويخال من بعضها وكأنها تقترب منا لشدة تلألؤها، وتلك التي تنادينا بخافت ضوئها وينطق لسان حالها من أعماق السماء وجوفها المتباعد.. إنني هنا!
هذه اللوحة الشاعرية الرائعة ربما ألفها البعض على أنها عادية نتيجة لتكرار المشاهدة، ومع ذلك فلها جذب خاص وهي جديرة بالتأمل.
وحينما يبزغ القمر (وبأشكاله المختلفة) وسط تلك المجاميع، يضيف إلى سحرها وجمالها رونقا جديدا.
وتراها خجلة، لا تقوى على أن ترفع رأسها إلا بعد غروب الشمس، فتتلألأ الواحدة تلو الأخرى، وكأنهن يخرجن على استحياء من خلف ستار.. وما إن يحل الطلوع حتى نراها تفر فرارا لتختفي.

1 - ضمير " زيناها " يعود إلى " السماء " لأنها مؤنث مجازي.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»