المرائين الذين يتبعهم عوام الناس دون أن تكون لهم الأهلية لأن يطلعوا على عجائب السماوات وبدائع العالم العلوي وأجرامه غير المحدودة، وما يحكمها من نظم وحساب دقيق، فإن الله تعالى يمنع عنهم هذا العلم ويجعل هذه السماء المليئة بالنجوم الوضاءة بكل أسرارها في اختيار من له عقل ونباهة وإخلاص وإيمان، ومن الطبيعي أن يمنع هذا الصنف من العلماء من النفوذ في أسرار هذه السماء، فكل شيطان يطرد عن الحضرة الإلهية سواء كان من البشر أو من غيرهم، وليس له حق الوصول إلى هذه الحقائق، ومتى ما اقترب منها طرد عنها، فيمكن أن يعيش هكذا أشخاص سنوات كثيرة ثم يموتون ولكنهم لا يدركون هذه الأسرار أبدا، لهم أبصار ينظرون بها ولكن لا تستطيع رؤية هذه الحقائق، أليس العلم لا يناله إلا عشاقه ولا يدرك جماله ولا ينظر إليه إلا عرفاؤه (1)؟!
ويقول في مكان آخر: ما المانع أن تكون هذه التعبيرات كناية، فيكون المنع الحسي رمزا للمنع العقلي، والكناية من أجمل أنواع البلاغة، ألا ترى أن كثيرا من الناس حولك محبوسون في هذه الأرض، غائبة أبصارهم، لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ولا يفهمون رموز هذه الدنيا وعجائبها وقد قذفوا من كل جانب، مطرودين حيث طردتهم شهواتهم وعداواتهم وكبرياؤهم وحروبهم وطمعهم وشرهم عن تلك المعاني العالية (2)، وإن أصيب أحد بهذه الأهواء يوما بسبب التلوثات التي تملأ قلبه وروحه فإنه سيطرد أيضا.
ج - وله كلام في مكان آخر، خلاصته: تبقى قائمة بين أرواح البشر المنتقلة إلى عالم البرزخ مع الأرواح التي ما زالت مع البشر في الحياة الدنيا، وإذا ما توفر التشابه والسنخية فيما بينها فيمكن والحال هذه إحضارها والتكلم معها فتطلعها على أمور واقعة ودقيقة جدا، ولا تتمكن من أن تعطي الصورة الحقيقية لبعض