الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٥٠
عبر سبحانه عن خلق الجبال بالإلقاء، ولعل المراد ب‍ " إلقاء " هنا بمعنى (إيجاد) لأن الجبال هي الارتفاعات الشاخصة على سطح الأرض الناشئة من برودة قشرة الأرض التدريجي، أو من المواد البركانية.
ومن بديع خلق الجبال إضافة إلى كونها أوتادا لتثبيت الأرض وحفظها من التزلزل نتيجة الضغط الداخلي، فإنها تقف كالدرع الحصين في مواجهة قوة العواصف، بل وتعمل على تنظيم حركة الهواء وتعيين اتجاهه، ومع ذلك فهي المحل الأنسب لتخزين المياه على صورة ثلوج وعيون.
واستعمال كلمة " رواسي " جمع (راسية) بمعنى الثابت والراسخ، إشارة لطيفة لما ذكرناه.
فهي: ثابتة بنفسها، وسبب لثبات قشرة الأرض وثبات الحياة الإنسانية عليها.
ثم ينتقل إلى العامل الحيوي الفعال في وجود الحياة البشرية والحيوانية، ألا وهو النبات وأنبتنا فيها من كل شئ موزون.
ما أجمل هذا التعبير وأبلغه! " موزون " من مادة (وزن) (1)، ويشير بذلك إلى:
الحساب الدقيق، النظام العجيب، والتناسق في التقدير في جميع شؤون النباتات، وكل أجزائها تخضع لحساب معين لا يقبل التخلخل من الساق، الغصن، الورقة، الوردة، الحبة وحتى الثمرة.
يتنوع على وجه البسيطة مئات الآلاف من النباتات، وكل تحمل خواصا معينة ولها من الآثار ما يميزها عن غيرها، وهي باب بمعرفة واسع وصولا لمعرفة البارئ المصور جل شأنه، وكل ورقة منها كتاب ينطق بعرفة الخالق.
وقد ذهب البعض إلى أن المقصود هو إحداث المعادن والمناجم المختلفة في الجبال، لأن كلمة " إنبات " تستعمل في اللغة العربية للمعادن أيضا.

1 - الوزن: معرفة قدر الشئ - مفردات الراغب.
(٥٠)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»