الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٣
عن نفسها (1) لتنقذها من العقاب والعذاب.
فالمذنبون أحيانا ينكرون ما ارتكبوه من ذنوب إنكارا تاما فرارا من الجزاء والعقاب، والآية (23) من سورة الأنعام تنقل لنا قولهم: والله ربنا ما كنا مشركين، وعندما لا يلمسون أية فائدة لإنكارهم يتجهون بإلقاء اللوم على أئمتهم وقادتهم، ويقولون: ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار (2).
ولكن.. لا فائدة من كل ذلك.. وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون.
* * * 2 بحثان 3 1 - التقية وفلسفتها:
امتاز المسلمون الأوائل الذين تربوا على يد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بروح مقاومة عظيمة أمام أعدائهم، وسجل لنا التأريخ صورا فريدة للصمود والتحدي، وها هو " ياسر " لم يلن ولم يدخل حتى الغبطة الكاذبة على شفاه الأعداء، وما تلفظ حتى بعبارة خالية من أي أثر على قلبه مما يطمح الأعداء أن يسمعوها منه، مع أن قلبه مملوءا ولاء وإيمانا بالله تعالى وحبا وإخلاصا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصبر على حاله رغم مرارتها فنال شرف الشهادة، ورحلت روحه الطاهرة إلى بارئها صابرة محتسبة تشكو إليه ظلم وجور أعداء دين الله.

1 - اختلاف القول بخصوص متعلق " يوم " جار بين المفسرين.. فبعضهم يذهب إلى أنه متعلق بفاعل مستتر والتقدير هو " ذكرهم يوم القيامة "، واعتبره آخرون متعلقا بفعل الغفران والرحمة المأخوذان من الغفور الرحيم في الآية السابقة، (ولكننا نرجح التفسير الاحتمال الأول لشموله).
2 - الأعراف، 38.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»