الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٤١
مسيرتهم ويتخلون عن إيمانهم، فهؤلاء يشملهم غضب الله عز وجل وعذابه العظيم.
ويمكن أن يكون " غضب الله " إشارة إلى حرمانهم من الرحمة الإلهية والهداية في الحياة الدنيا، و " العذاب العظيم " إشارة إلى عقابهم في الحياة الأخرى.. وعلى أية حال، فما جاء في الآية من وعيد للمرتدين هو في غاية الشدة.
وتتطرق الآية التالية إلى أسباب ارتداد هؤلاء، فتقول: ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين الذين يصرون على كفرهم وعنادهم.
وخلاصة المقال: حين أسلم هؤلاء تضررت مصالحهم المادية وتعرضت للخطر المؤقت، فندموا على إسلامهم لشدة حبهم لدنياهم، وعادوا خاسئين إلى كفرهم.
وبديهي أن من لا يرغب في الإيمان ولا يسمح له بالدخول إلى أعماق نفسه، لا تشمله الهداية الإلهية، لأن الهداية تحتاج إلى مقدمات كالسعي للحصول على رضوانه سبحانه والجهاد في سبيله، وهذا مصداق لقوله عز وجل في آخر سورة العنكبوت: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.
وتأتي الآية الأخرى لتبين سبب عدم هدايتهم، فتقول: أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم بحيث أنهم حرموا من نعمة الرؤية والسمع وادراك الحقائق: وأولئك هم الغافلون.
وكما قلنا سابقا فإن ارتكاب الذنوب وفعل القبائح يترك أثره السلبي على إدراك الإنسان للحقائق وعلى عقله ورؤيته السليمة، وتدريجيا يسلب منه سلامة الفكر، وكلما ازداد في غيه كلما اشتدت حجب الغفلة على قلبه وسمعه وبصره، حتى يؤول به المآل إلى أن يصبح ذا عين ولكن لا يرى بها، وذا أذن وكأنه لا يسمع
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»