الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٠
بذلك رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال قوم: كفر عمار. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) كلا: " إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه دمه ".. وجاء عمار إلى رسول الله وهو يبكي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما وراءك "؟ فقال: شر يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يمسح عينيه ويقول: " إن عادوا لك فعد لهم بما قلت "، فنزلت الآية.
2 التفسير 3 المرتدون عن الإسلام:
تكمل هذه الآيات ما شرعت به الآيات السابقة من الحديث عن المشركين والكفار وما كانوا يقومون به، فتتناول الآيات فئة أخرى من الكفرة وهم المرتدون.
حيث تقول الآية الأولى: من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله، ولهم عذاب عظيم.
وتشير الآية إلى نوعين من الذين كفروا بعد إيمانهم:
النوع الأول: هم الذين يقعون في قبضة العدو الغاشم ويتحملون أذاه وتعذيبه، ولكنهم لا يصبرون تحت ضغط ما يلاقوه من أعداء الإسلام، فيعلنون براءتهم من الإسلام وولاءهم للكفر، على أن ما يعلنوه لا يتعدى حركة اللسان، وأما قلوبهم فتبقى ممتلئة بالإيمان.
فهذا النوع يكون مشمولا بالعفو الإلهي بلا ريب، بل لم يصدر منهم ذنب، لأنهم قد مارسوا التقية التي أحلها الإسلام لحفظ النفس وحفظ الطاقات للاستفادة منها في طريق خدمة دين الله عز وجل.
النوع الثاني: هم الذين يفتحون للكفر أبواب قلوبهم حقيقة، ويغيرون
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»