الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٧
في حقه على كل حال، ولكن إذا ندم وتاب صادقا، فإن توبته ستقبل عند الله تعالى (وتوبة المرأة تقبل على الإطلاق).
وإذا ارتد إنسان ما عن الإسلام ولم يكن مسلما بالولادة، يتعين عليه التوبة، فإن تاب قبلت توبته وينجو من العقاب.
وقد ينظر للحكم السياسي الصادر بحق المرتد الفطري على أن فيه نوعا من الخشونة والقسوة وفرضا للعقيدة وسلبا لحرية الفكر، ولكن حقيقة هذه الأحكام تختص بمن يظهر عقائده المخالفة أو يدعو لها ولا تطال من يعتقد باعتقادات مخالفة ولكنه لم يظهرها للناس، لأن الدعوة للعقائد المخالفة تمثل في واقعها حربا للنظام الاجتماعي الموجود، وعليه فلا تكون الخشونة والحال هذه عبثا، ولا تتنافى وحرية الفكر والاعتقاد، وكما قلنا فإن شبيه هذا القانون موجود في كثر من دول الغرب والشرق مع بعض الاختلافات.
وينبغي الالتفات إلى أن قبول الإسلام يجب أن يكون طبقا للمنطق، والذي يولد من أبوين مسلمين وينشأ بين أحضان بيئة إسلامية، فمن البعيد عدم ادراكه محتوى الإسلام، ولهذا يكون ارتداده وعدوله عن الإسلام أشبه بالخيانة منه من عدم إدراك الحقيقة، ولذلك فهو يستحق ما خط في حقه من عقاب.
على أن الأحكام عادة لا تخصص لشخص أو شخصين وإنما يلحظ فيها المجموع العام (1).

1 - اختلف المفسرون بخصوص جملة " من كفر بالله... "، فاعتبرها بعضهم: شرحا وتوضيحا للجملة السابقة لها وأنها بدل لعبارة " الذين لا يؤمنون بآيات الله "، فيما اعتبرها آخرون: بدلا لكلمة " كاذبون "، وقال بعضهم: أنها مبتدأ محذوف الخبر ويقدروها ب‍ " من كفر بالله من بعد إيمانه فعليهم غضب من الله ولهم عذاب أليم "، فجزاء الشرط محذوف لدلالة الجملة التالية على ذلك.
وثمة احتمال رابع (ويبدو أفضل الاحتمالات) وهو: أنها مبتدأ، وخبرها في نفس الآية وغير ومحذوف، أما عبارة " لكن من شرح للكفر صدرا " فهي توضيح جديد للمبتدأ لوقوع جملة استثنائية بينها وبين خبرها، وهذا النوع من التعبير كثير الاستعمال حتى في غير اللغة العربية - فتأمل.
(٣٤٧)
مفاتيح البحث: الإرتداد (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»