الآيات مورد البحث جوانب أخرى من المسائل المرتبطة بالقرآن، وتبتدئ ببعض الشبهات التي كانت عالقة في أذهان المشركين حول الآيات القرآنية المباركة، فتقول: وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل فهذا التغيير والتبديل يخضع لحكمة الله، فهو أعلم بما ينزل، وكيف ينزل، ولكن المشركين لجهلهم قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون.
وحقيقة الأمر أن المشركين لم يتوصلوا بعد لإدراك وظيفة القرآن وما يحمل من رسالة، ولم يدخل في تصوراتهم وأذهانهم أن القرآن في صدد بناء مجتمع إنساني جديد يسوده التطور والتقدم والحرية والمعنوية العالية... نعم، فأكثرهم لا يعلمون.
فبديهي والحال هذه أن يطرأ على وصفة الدواء الإلهي لنجاة هؤلاء المرضى التغيير والتبديل تدرجا مع ما يعيشونه، فما يعطون اليوم يكمله الغد.. وهكذا حتى تتم الوصفة الشاملة.
فغفلة المشركين عن هذه الحقائق وابتعادهم عن ظروف نزول القرآن، دفعهم للاعتقاد بأن أقوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحمل بين ثناياها التناقض أو الافتراء على الله عز وجل! وإلا لعلموا أن النسخ في الأحكام جزء من أوامر وآيات القرآن المنظمة على شكل برنامج تربوي دقيق لا يمكن الوصول للهدف النهائي لنيل التكامل إلا به.
فالنسخ في أحكام مجتمع يعيش حالة انتقالية بين مرحلتين يعتبر من الضروريات العملية والواقعية، فالتحول والانتقال بالناس من مرحلة إلى أخرى لا يتم دفعة واحدة، بل ينبغي أن يمر بمراحل انتقالية دقيقة.
أيمكن معالجة مريض مزمن في يوم واحد؟
أو شفاء رجل مدمن على المخدرات لسنوات عديدة في يوم واحد؟ أوليس التدرج في المعالجة من أسلم الأساليب؟