ولكن ليس بالمعنى المادي الجسماني كي تدخل ضمن مفهوم " الدابة ".
وروي في حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " إن لله تعالى ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيامة، ترعد فرائصهم من مخافة الله تعالى، لا تقطر من دموعهم قطرة إلا صارت ملكا، فإذا كان يوم القيامة رفعوا رؤوسهم وقالوا: ما عبدناك حق عبادتك " (1).
أما جملة وهم لا يستكبرون فإشارة لحال وشأن الملائكة التي لا يداخلها أي استكبار عند سجودها وخضوعها لله عز وجل.
ولهذا ذكر صفتين للملائكة بعد تلك الآية مباشرة وتأكيدا لنفي حالة الاستكبار عنهم: يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون.
كما جاء في الآية (6) من سورة التحريم في وصف جمع من الملائكة: لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
ويستفاد من هذه الآية بوضوح.. أن علامة نفي الاستكبار شيئان:
أ - الشعور بالمسؤولية وإطاعة الأوامر الإلهية من دون أي اعتراض، وهو وصف للحالة النفسية لغير المستكبرين.
ب - ممارسة الأوامر الإلهية بما ينبغي والعمل وفق القوانين المعدة لذلك..
وهذا انعكاس للأول، وهو التحقيق العيني له.
ومما لا ريب فيه أن عبارة من فوقهم ليست إشارة إلى العلو الحسي والمكاني، بل المراد منها العلو المقامي، لأن الله عز وجل فوق كل شئ مقاما.
كما نقرأ في الآية (61) من سورة الأنعام: وهو القاهر فوق عباده، وكذلك في الآية (127) من سورة الأعراف: وإنا فوقهم قاهرون حينما أراد فرعون أن يظهر قدرته وقوته!
* * *