الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٠٧
(الفئ)، وإذا ما نظرنا إلى تسمية (الفئ) لقسم من الأموال والغنائم لوجدنا إشارة لطيفة لحقيقة.. إن أفضل غنائم وأموال الدنيا لا تلبث أن تزول ولا يعدو كونها كالظل عند العصر.
ومع ملاحظة ما اقترن بذكر الظلال في هذه الآية من يمين وشمال، وإن كلمة الفئ استعملت للجميع.. فيستفاد من ذلك: أن الفئ هنا ذو معنى واسع يشمل كل أنواع الظلال.
فعندما يقف الإنسان وقت طلوع الشمس متجها نحو الجنوب فإنه سيرى شروق قرص الشمس من الجهة اليسرى لأفق الشرق، فتقع ظلال جميع الأشياء المجسمة على يمينه (جهة الغرب)، ويستمر هذا الأمر حتى تقترب الظلال نحو الجهة اليمنى لحين وقت الظهر، وعندها ستتحول الظلال إلى الجهة المعاكسة (اليسرى) وتستمر في ذلك حتى وقت الغروب فتصبح طويلة وممتدة نحو الشرق، ثم تغيب وتنعدم عند غروب الشمس.
وهنا.. يعرض الباري سبحانه حركة ظلال الأجسام يمينا وشمالا بعنوانها مظهرا لعظمته جل وعلا واصفا حركتها بالسجود والخضوع.
3 أثر الظلال في حياتنا:
مما لا شك فيه أن لظلال الأجسام دور مؤثر في حياتنا، ولعل الكثير منا غير ملتفت إلى هذه الحقيقة، فوضع القرآن الكريم إصبعه على هذه المسألة ليسترعي الانتباه لها.
للظلال (التي هي ليست سوى عدم النور) فوائد جمة:
1 - كما أن لأشعة الشمس دور أساسي في حياتنا، فكذلك الظلال، لأنها تقوم بعملية تعديل شدة الحرارة لأشعة الشمس.
إن الحركة المتناوبة للظلال تحفظ حرارة الشمس لحد متعادل ومؤثر، وبدون
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»