جمع عضة والتعضية التفريق، فهم الذين جزأوا القرآن أجزاء فقالوا تارة: سحر، وأخرى: أساطير الأولين، وثالثة: مفترى، وبذلك صدوا الناس عن الدخول في دين الله، وعلى ذلك يكون المراد من المقتسمين هم كفار قريش.
ويحتمل أن يكون المراد هم اليهود والنصارى الذين فرقوا القرآن أجزاء وأبعاضا، وقالوا: نؤمن ببعض ونكفر ببعض.
وعلى أية حال الذين كانوا بصدد إطفاء نور القرآن بتبعيضه أبعاض ليصدوا عن سبيل الله فهؤلاء هم المقصودون، ثم حلف سبحانه وقال: (فوربك لنسئلنهم أجمعين * عما كانوا يعملون) من تبعيض القرآن وصد الناس عن الايمان به.
وأما الآية الخامسة: فتذكر إنكار المشركين لاتيان الساعة ويوم القيامة، وهم ينكرونه مع ظهور عموم ملكه سبحانه وعلمه بكل شئ.
وقد كان سبب إنكارهم هو زعمهم أن الانسان يبلى جسده بعد الموت وتختلط أجزاؤه بأجزاء أبدان أخرى على نحو لا تتميز، فكيف يمكن إعادته؟ فأجاب سبحانه في الآية مشيرا إلى علمه الواسع، ويقول: (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين). (1) فقوله: (لا تأتينا الساعة) حكاية لقول المشركين.
وقوله: (قل بلى وربي) أمر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يجيبهم بأن إتيان الساعة أمر قطعي.