ب: القضاء وفض الخصومات: يقول سبحانه في حق داود: ﴿يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب﴾ (١) وفي حق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين). (٢) ج: الافتاء وبيان الاحكام: يقول سبحانه: ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة﴾ (3) س وقد كان الرسول - بنص هذه الآيات - جامعا لهذه المقامات الثلاثة فكان سائسا وحاكما، وقاضيا وفاضا للخصومات، ومفتيا ومبينا للأحكام.
ومن الواضح بمكان أن فض الخصومات لا يتحقق إلا بقضاء قاض مطاع رأيه ونافذ فصله، وقد كان بعض المنتمين إلى الاسلام لم يعيروا أهمية لقضائه، فنزلت الآية تأمر أولا بإطاعته وان كل رسول واجب الطاعة. يقول سبحانه: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله). (4) ثم تشير الآية التالية إلى أن الايمان لا يكتمل إلا بالانصياع والتسليم القلبي لما يقضي به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمن شهد الشهادتين وأذعن بهما، ومع ذلك يجد في نفسه حرجا في قضاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمره فليس بمؤمن، يقول سبحانه: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما). (5) فالآية تدل على أن الايمان لا يكتمل بنفس الاذعان واليقين بالتوحيد والرسالة ما لم ينضم إليه