هناك من يحفظ أعماله ويسجلها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وانها لمسؤولية عظيمة يحملها الانسان، إذ ما من أحد إلا وهو مراقب، تكتب عليه كل أعماله من المهد إلى اللحد، فليس من شئ يضيع في هذه الدنيا أبدا. هذا إذا قلنا بأن المراد من حافظ هو حافظ الأعمال، وأما إذا فسرت من يحفظ الانسان من الحوادث والمهالك، فالصلة بالنحو التالي:
وهو ان للنفوس رقيبا يحفظها ويدبر شؤونها في جميع أطوار وجودها حتى ينتهي أجلها، كما أن للسماء مدبرا لشؤونها بما تحتويه من أنظمة رائعة ومعقدة، فالفضاء الكوني فسيح جدا تتحرك فيه كواكب لا حصر لها، بسرعة خارقة، بعضها يواصل رحلته وحده، ومنها أزواج تسير مثنى مثنى، ومنها ما يتحرك في شكل مجموعات، والكواكب على كثرتها يواصل كل واحد منها سفره على بعد عظيم يفصله عن الكواكب الأخرى.
إن هذا الكون يتألف من مجموعات كثيرة من الكواكب والنجوم تسمى مجاميع النجوم، وكلها تتحرك دائما وتدور في نظام رائع.
ومع هذا الدوران تجري حركة أخرى وهي ان هذا الكون يتسع من كل جوانبه، كالبالون المتخذ من المطاط، وجميع النجوم تبتعد في كل ثانية بسرعة فائقة عن مكانها، هذه الحركة المدهشة تحدث طبقا لنظام وقواعد محكمة بحيث لا يصطدم بعضها ببعض ولا يحدث اختلاف في سرعتها. (1)