وأما اجتهاد ابن عمر حيث عد الحلف بالكعبة من مصاديق الحديث، فهو اجتهاد منه وحجة عليه دون غيره.
وأما ان الرسول عد حلف عمر بأبيه من أقسام الشرك فلأجل أن أباه كان مشركا، وقد قلنا إن الرواية ناظرة إلى هذا النوع من الحلف.
ومجمل القول: إن الكتاب العزيز هو الأسوة للمسلمين عبر القرون، فإذا ورد فيه الحلف من الله سبحانه بغير ذاته سبحانه من الجماد والنبات والانسان فيستكشف منه أنه أمر سائغ لا يمت إلى الشرك بصلة، وتصور جوازه لله سبحانه دون غيره أمر غير معقول، فإنه لو كان حقيقة الحلف بغير الله شركا فالخالق والمخلوق أمامه سواء.
نعم الحلف بغير الله لا يصح في القضاء وفض الخصومات، بل لا بد من الحلف بالله جل جلاله أو بإحدى صفاته التي هي رمز ذاته، وقد ثبت هذا بالدليل ولا علاقة له بالبحث.
وأما المذاهب الفقهية فغير مجمعين على أمر واحد.
أما الحنفية، فقالوا: بأن الحلف بالأب والحياة، كقول الرجل: وأبيك، أو:
وحياتك وما شابه، مكروه.
وأما الشافعية، فقالوا: بأن الحلف بغير الله - لو لم يكن باعتقاد الشرك - فهو مكروه وأما المالكية، فقالوا: إن في القسم بالعظماء والمقدسات - كالنبي والكعبة - فيه قولان: الحرمة والكراهة، والمشهور بينهم: الحرمة.