ولأجل ذلك نرى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل آباءهم قرناء مع الطواغيت مرة، وبالأنداد - أي الأصنام - ثانية، وقال: لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت. (1) وقال أيضا: لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد. (2) وهذان الحديثان يؤكدان على أن المنهي عنه هو الحلف بالآباء الكافرين الذين كانوا يعبدون الأنداد والطواغيت، فأين هو من حلف المسلم بالكعبة والقرآن والأنبياء والأولياء في غير القضاء والخصومات؟
الحديث الثاني جاء ابن عمر رجل فقال: أحلف بالكعبة؟ قال له: لا، ولكن إحلف برب الكعبة، فان عمر كان يحلف بأبيه، فقال رسول الله له: لا تحلف بأبيك، فان من حلف بغير الله فقد أشرك. (3) إن الحديث يتألف من أمرين:
أ: قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من حلف بغير الله فقد أشرك.
ب: اجتهاد عبد الله بن عمر، حيث عد الحلف بالكعبة من مصاديق حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
أما الحديث فنحن نذعن بصحته، والقدر المتيقن من كلامه ما إذا كان المحلوف به شيئا يعد الحلف به شركا كالحلف بالأنداد والطواغيت والآباء الكافرين. فهذا هو الذي قصده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يعم الحلف بالمقدسات كالقرآن وغيره.