قومه ليبين موقفه من الكتاب، وقال: والله قد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الانس ولا من كلام الجن، وان له لحلاوة، وان عليه لطلاوة، وان أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وانه ليعلو وما يعلى عليه. (1) فقد أدرك منطيق قريش بصفاء ذهنه ما يحتوي عليه القرآن من أسرار وكنوز.
نعم، قد سبقه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك حيث عرف القرآن، بقوله:
له ظهر وبطن، وظاهره حكم، وباطنه علم، وظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى و منار الحكمة. (2) وقد أفاض الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) في بيان أبعاد القرآن غير المتناهية، وقال في خطبة يصف فيها القرآن بقوله: أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه، وسراجا لا يخبو توقده، وبحرا لا يدرك قعره - إلى أن قال: - و ينابيع العلم وبحوره، ورياض العدل وغدرانه، وأثافي الاسلام وبنيانه، وأودية الحق وغيطانه، وبحر لا ينزفه المنتزفون، وعيون لا ينضبها الماتحون، ومناهل لا يغيضها الواردون. (3) وقد أثبت توالي التأليف حول القرآن الكريم على مختلف الأصعدة، انه كتاب القرون والأعصار، وحجة خالدة للناس إلى يوم القيامة، وقد استحوذ الكتاب العزيز على اهتمام بالغ لم يحظ به أي كتاب آخر.