وثمة نكتة جديرة بالإشارة وهي أن أكثر المفسرين حينما تطرقوا إلى الأقسام الواردة في القرآن الكريم ركزوا جهودهم لبيان ما للمقسم به من أسرار ورموز كالشمس والقمر في قوله سبحانه: ﴿والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها﴾ (١) أو قوله: ﴿والتين والزيتون﴾ (٢) ولكنهم غفل والعلاقة بين المقسم به والمقسم عليه لاحظ مثلا قوله سبحانه: ﴿والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى﴾ (3) فالضحى والليل مقسم بهما وقوله: (ما ودعك ربك وما قلى) هو جواب القسم الذي نعبر عنه بالمقسم عليه، فهناك صلة في الواقع بين المقسم به والمقسم عليه، وهو أنه لماذا لم يقسم بالشمس ولا بالقمر ولا بالتين ولا بالزيتون بل حلف بالضحى والليل لأجل المقسم عليه أعني قوله: (ما ودعك ربك وما قلى)؟
وصفوة القول: إن كل قسم جدير لتحقيق الخبر، ولكن يقع الكلام في كل قسم ورد في القرآن الكريم أنه لماذا اختار المقسم به الخاص دون سائر الأمور الكثيرة التي يقسم بها؟ فمثلا: لماذا حلف في تحقيق قوله: (ما ودعك) بقوله: (والضحى والليل) ولم يقسم بالشمس والقمر؟ وهذا هو المهم في بيان أقسام القرآن، ولم يتعرض له أكثر المفسرين ولا سيما ابن قيم الجوزية في كتابه التبيان في أقسام القرآن إلا نزرا يسيرا.
ثم إن الغالب هو ذكر جواب القسم، وربما يحذف كما يحذف جواب لو كثيرا، أما الثاني فكقوله سبحانه: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به