وكذا من سن سنة حسنة فله ثوابها وثواب من عمل بها، ومن سن سنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة فإن له سعيا في عملهم حيث سن السنة وتوسل بها إلى أعمالهم كما تقدم في تفسير قوله تعالى: " ونكتب ما قدموا وآثارهم " يس: 12، وقد تقدم في تفسير قوله: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم " النساء: 9، وتفسير قوله: " ليميز الله الخبيث من الطيب " الأنفال: 37، كلام نافع في هذا المقام.
قوله تعالى: " وأن سعيه سوف يرى " المراد بالسعي ما سعى فيه من العمل وبالرؤية المشاهدة وظرف المشاهدة يوم القيامة بدليل تعقيبه بالجزاء فالآية قريبة المعنى من قوله تعالى: " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء " آل عمران: 30، وقوله: " يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " الزلزال: 8.
وإتيان قوله: " سوف يرى " مبنيا للمفعول لا يخلو من إشعار بأن هناك من يشاهد العمل غير عامله.
قوله تعالى: " ثم يجزاه الجزاء الأوفى " الوفاء بمعنى التمام لان الشئ التام يفي بجميع ما يطلب من صفاته، والجزاء الأوفى الجزاء الأتم.
وضمير " يجزاه " للسعي الذي هو العمل والمعنى: ثم يجزي الانسان عمله أي بعمله أتم الجزاء.
قوله تعالى: " وأن إلى ربك المنتهى " المنتهى مصدر ميمي بمعنى الانتهاء وقد أطلق إطلاقا فيفيد مطلق الانتهاء، فما في الوجود من شئ موجود إلا وينتهي في وجوده وآثار وجوده إلى الله سبحانه بلا واسطة أو مع الواسطة، ولا فيه أمر من التدبير والنظام الجاري جزئيا أو كليا إلا وينتهي إليه سبحانه إذ ليس التدبير الجاري بين الأشياء إلا الروابط الجارية بينها القائمة بها وموجد الأشياء هو الموجد لروابطها المجري لها بينها فالمنتهى المطلق لكل شئ هو الله سبحانه.
قال تعالى: " الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل له مقاليد السماوات والأرض " الزمر: 63، وقال: " ألا له الخلق والامر " الأعراف: 54.
والآية تثبت الربوبية المطلقة لله سبحانه بإنهاء كل تدبير وكل التدبير إليه وتشمل