قوله تعالى: " وأنه أهلك عادا الأولى " وهم قوم هود النبي عليه السلام ووصفوا بالأولى لان هناك عادا ثانية هم بعد عاد الأولى.
قوله تعالى: " وثمود فما أبقى " وهم قوم صالح النبي عليه السلام أهلك الله الكفار منهم عن آخرهم، وهو المراد من قوله: " فما أبقى " وإلا فهو سبحانه نجى المؤمنين منهم من الهلاك كما قال: " ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون " فصلت: 18.
قوله تعالى: " وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى " عطف كسابقه على قوله:
" عادا " والاصرار بالتأكيد على كونهم أظلم وأطغى، أي من القومين عاد وثمود على ما يعطيه السياق لأنهم لم يجيبوا دعوة نوح عليه السلام ولم يتعظوا بموعظته فيما يقرب من ألف سنة ولم يؤمن منهم معه إلا أقل قليل.
قوله تعالى: " والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى " قيل: إن المؤتفكة قرى قوم لوط ائتفكت بأهلها أي انقلبت والائتفاك الانقلاب، والأهواء الاسقاط.
والمعنى: وأسقط القرى المؤتفكة إلى الأرض بقلبها وخسفها فشملها وأحاط بها من العذاب ما شملها وأحاط بها.
واحتمل أن يكون المراد بالمؤتفكة ما هو أعم من قرى قوم لوط وهي كل قرية نزل عليها العذاب فباد أهلها فبقيت خربة داثرة معالمها خاوية على عروشها.
قوله تعالى: " فبأي آلاء ربك تتمارى " الآلاء جمع إلى بمعنى النعمة، والتماري التشكك، والجملة متفرعة على ما تقدم ذكره مما ينسب إليه تعالى من الافعال.
والمعنى: إذا كان الله سبحانه هو الذي نظم هذا النظام البديع من صنع وتدبير بالاضحاك والابكاء والإماتة والاحياء والخلق والاهلاك إلى آخر ما قيل، فبأي نعم ربك تتشكك وفي أيها تريب؟
وعد مثل الا بكاء والإماتة وإهلاك الأمم الطاغية نعما لله سبحانه لما فيها من الدخل في تكون النظام الأتم الذي يجرى في العالم وتنساق به الأمور في مرحلة استكمال الخلق ورجوع الكل إلى الله سبحانه.
والخطاب في الآية للذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أو للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من باب إياك أعني واسمعي يا جارة، والاستفهام للانكار.