ومما تقدم يظهر فساد قول بعضهم: إن معنى الآية أنه خلق قوتي الضحك والبكاء، وقول آخرين: إن المعنى أنه خلق السرور والحزن، وقول آخرين: إن المعنى أنه أضحك الأرض بالنبات وأبكى السماء بالمطر، وقول آخرين: إن المعنى أنه أضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار.
قوله تعالى: " وأنه هو أمات وأحيا " الكلام في انتساب الموت والحياة إلى أسباب أخر طبيعية وغير طبيعية كالملائكة كالكلام في انتساب الضحك والبكاء إلى غيره تعالى مع انحصار الايجاد فيه تعالى، وكذا الكلام في الأمور المذكورة في الآيات التالية.
قوله تعالى: " وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى " النطفة ماء الرجل والمرأة الذي يخلق منه الولد، وأمنى الرجل أي صب المني، وقيل: معناه التقدير، وقوله: " الذكر والأنثى " بيان للزوجين.
قيل: لم يذكر الضمير في الآية على طرز ما تقدم - أنه هو - لأنه لا يتصور نسبة خلق الزوجين إلى غيره تعالى.
قوله تعالى: " وأن عليه النشأة الأخرى " النشأة الأخرى الخلقة الأخرى الثانية وهي الدار الآخرة التي فيها جزاء، وكون ذلك عليه تعالى قضاؤه قضاء حتم وقد وعد به ووصف نفسة بأنه لا يخلف الميعاد.
قوله تعالى: " وأنه هو أغنى وأقنى " أي أعطى الغنى وأعطى القنية، والقنية ما يدوم من الأموال ويبقى ببقاء نفسه كالدار والبستان والحيوان، وعلى هذا فذكر " أقنى " بعد " أغنى " من التعرض للخاص بعد العام لنفاسته وشرفه.
وقيل: الاغناء التمويل والاقناء الارضاء بذلك، وقال بعضهم: معنى الآية أنه هو أغنى وأفقر.
قوله تعالى: " وأنه هو رب الشعرى " كأن المراد بالشعرى الشعرى اليمانية وهي كوكبة مضيئة من الثوابت شرقي صورة الجبار في السماء.
قيل: كانت الخزاعة وحمير تعبد هذه الكوكبة، وممن كان يعبده أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة أمه، وكان المشركون يسمونه صلى الله عليه وآله وسلم ابن أبي كبشة لمخالفته إياهم في الدين كما خالف أبو كبشة قومه في عبادة الشعرى.