تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٩١
وفي المجمع في قوله تعالى: " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " وقد ورد أيضا في الحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: فضل العالم على الشهيد درجة، وفضل الشهيد على العابد درجة، وفضل النبي على العالم درجة، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه، وفضل العالم على سائر الناس كفضلي على أدناهم. رواه جابر بن عبد الله.
أقول: وذيل الرواية لا يخلو من شئ فإن ظاهر رجوع الضمير في " أدناهم " إلى الناس اعتبار مراتب في الناس فمنهم الاعلى ومنهم المتوسط، وإذا كان فضل العالم على سائر الناس وفيهم الاعلى رتبة كفضل النبي على أدنى الناس كان العالم أفضل من النبي وهو كما ترى.
اللهم إلا أن يكون الأدنى بمعنى الأقرب والمراد بأدناهم أقربهم من النبي وهو العالم كما يلوح من قوله: وفضل النبي على العالم درجة، فيكون المفاد أن فضل العالم على سائر الناس كفضلي على أقربهم مني وهو العالم.
وفي الدر المنثور أخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن علي قال: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها بعدي آية النجوى " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة " كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت " أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات " الآية.
وفي تفسير القمي بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة " قال: قدم علي بن أبي طالب عليه السلام بين يدي نجواه صدقة ثم نسخها بقوله: " أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ".
أقول: وفي هذا المعنى روايات أخر من طرق الفريقين.
ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست