أو التناجي لا يضرهم شيئا إلا بإذن الله فليتوكلوا عليه ولا يخافوا ضره وقد نص سبحانه في قوله: " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " الطلاق: 3 أنه يكفي من توكل عليه، واستنهضهم على التوكل بأنه من لوازم إيمان المؤمن فإن يكونوا مؤمنين فليتوكلوا عليه فهو يكفيهم.
وهذا معنى قوله: " وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ".
قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم " الخ، التفسح الاتساع وكذا الفسح، والمجالس جمع مجلس اسم مكان، والاتساع في المجلس أن يتسع الجالس ليسع المكان غيره وفسح الله له أن يوسع له في الجنة.
والآية تتضمن أدبا من آداب المعاشرة، ويستفاد من سياقها أنهم كانوا يحضرون مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيجلسون ركاما لا يدع لغيرهم من الواردين مكانا يجلس فيه فأدبوا بقوله:
" إذا قيل لكم تفسحوا " الخ، والحكم عام وإن كان مورد النزول مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم توسعوا في المجالس ليسع المكان معكم غيركم فتوسعوا وسع الله لكم في الجنة.
وقوله: " وإذا قيل انشزوا فانشزوا " يتضمن أدبا آخر، والنشوز - كما قيل - الارتفاع عن الشئ بالذهاب عنه، والنشوز عن المجلس أن يقوم الانسان عن مجلسه ليجلس فيه غيره إعظاما له وتواضعا لفضله.
والمعنى: وإذا قيل لكم قوموا ليجلس مكانكم من هو أفضل منكم في علم أو تقوى فقوموا.
وقوله: " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " لا ريب في أن لازم رفعه تعالى درجة عبد من عباده مزيد قربه منه تعالى، وهذا قرينة عقلية على أن المراد بهؤلاء الذين أوتوا العلم العلماء من المؤمنين فتدل الآية على انقسام المؤمنين إلى طائفتين:
مؤمن ومؤمن عالم، والمؤمن العالم أفضل وقد قال تعالى: " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " الزمر: 9.
ويتبين بذلك أن ما ذكر من رفع الدرجات في الآية مخصوص بالذين أوتوا العلم ويبقى لسائر المؤمنين من الرفع الرفع درجة واحدة ويكون التقدير يرفع الله الذين آمنوا منكم درجة ويرفع الذين أوتوا العلم منكم درجات.
وفي الآية من تعظيم أمر العلماء ورفع قدرهم ما لا يخفى. وأكد الحكم بتذييل الآية