بالله واليوم الآخر يمنع عن موادة من يحاد الله ورسوله كائنا من كان، وتمدح المؤمنين المتبرئين من أعداء الله وتعدهم إيمانا مستقرا وروحا من الله وجنة ورضوانا.
قوله تعالى: " ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم " الخ، القوم المغضوب عليهم هم اليهود، قال تعالى: " من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت " المائدة: 60.
وقوله: " ما هم منكم ولا منهم " ضمير " هم " للمنافقين وضمير " منهم " لليهود، والمعنى: أن هؤلاء المنافقين لتذبذبهم بين الكفر والايمان ليسوا منكم ولا من اليهود، قال تعالى: " مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء " النساء: 143.
وهذه صفتهم بحسب ظاهر حالهم وأما بحسب الحقيقة فهم ملحقون بمن تولوهم، قال تعالى: " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " المائدة: 51، فلا منافاة بين قوله: " ما هم منكم ولا منهم " وقوله: " فإنه منهم ".
واحتمل بعضهم أن ضمير " هم " للقوم وهم اليهود وضمير " منهم " للموصول وهم المنافقون، والمعنى: تولوا اليهود الذين ليسوا منكم وأنتم مؤمنون ولا من هؤلاء المنافقين أنفسهم بل أجنبيون برآء من الطائفتين، وفيه نوع من الذم، وهو بعيد.
وقوله: " ويحلفون على الكذب وهم يعلمون " أي يحلفون لكم على الكذب أنهم منكم مؤمنون أمثالكم وهم يعلمون أنهم كاذبون في حلفهم.
قوله تعالى: " أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون " الاعداد التهيئة، وقوله: إنهم ساء " الخ، تعليل للاعداد، وفي قوله: " كانوا يعملون " دلالة على أنهم كانوا مستمرين في عملهم مداومين عليه.
والمعنى: هيأ الله لهم عذابا شديدا لاستمرارهم على عملهم السيئ.
قوله تعالى: " اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين " الايمان جمع يمين وهو الحلف، والجنة السترة التي يتقى بها الشر كالترس، والمهين اسم فاعل من الإهانة بمعنى الاذلال والاخزاء.
والمعنى: اتخذوا أيمانهم سترة يدفعون بها عن نفوسهم التهمة والظنة كلما ظهر منهم أمر يريب المؤمنين فصرفوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله وهو الاسلام فلهم - لأجل ذلك -