والظاهر أن المراد بالصديقين والشهداء هم المذكورون في قوله: " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " النساء: 69، وقد تقدم في تفسير الآية أن المراد بالصديقين هم الذين سرى الصدق في قولهم وفعلهم فيفعلون ما يقولون ويقولون ما يفعلون، والشهداء هم شهداء الأعمال يوم القيامة دون الشهداء بمعنى المقتولين في سبيل الله.
فهؤلاء الذين آمنوا بالله ورسله ملحقون بالصديقين والشهداء منزلون منزلتهم عند الله أي بحكم منه لهم أجرهم ونورهم.
وقوله: " لهم أجرهم ونورهم " ضمير " لهم " للذين آمنوا، وضمير " أجرهم ونورهم " للصديقين والشهداء أي للذين آمنوا أجر من نوع أجر الصديقين والشهداء ونور من نوع نورهم، وهذا معنى قول من قال: إن المعنى: لهم أجر كأجرهم ونور كنورهم.
وربما قيل: إن الآية مسوقة لبيان أنهم صديقون وشهداء على الحقيقة من غير إلحاق وتنزيل فهم هم لهم أجرهم ونورهم، ولعل السياق لا يساعد عليه.
وربما قيل: إن قوله: " والشهداء " ليس عطفا على قوله: " الصديقون " بل استئناف و " الشهداء " مبتدأ خبره " عند الله " وخبره الآخر " لهم أجرهم " فقد قيل: والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون، وقد تم الكلام ثم استؤنف وقيل: " والشهداء عند ربهم " كما قيل: " بل أحياء عند ربهم " آل عمران: 169، والمراد بالشهداء المقتولون في سبيل الله، ثم تمم الكلام بقوله: " لهم أجرهم ونورهم ".
وقوله: " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم " أي لا يفارقونها وهم فيها دائمين.
وقد تعرض سبحانه في الآية لشأن الملحقين بالصديقين والشهداء وهم خيار الناس والناجون قطعا، والكفار المكذبين لآياته وهم شرار الناس والهالكون قطعا وبقي فريق بين الفريقين وهم المؤمنون المقترفون للمعاصي والذنوب على طبقاتهم في التمرد على الله ورسوله، وهذا دأب القرآن في كثير من موارد التعرض لشأن الناس يوم القيامة.
وذلك ليكون بعثا لقريحتي الخوف والرجاء في ذلك الفريق المتخلل بين الخيار والشرار فيميلوا إلى السعادة ويختاروا النجاة على الهلاك.
ولذلك أعقب الآية بذم الحياة الدنيا التي تعلق بها هؤلاء الممتنعون من الانفاق في سبيل