إلى نفس الأشياء والايتاء إلى الله سبحانه لان الفوات والعدم ذاتي للأشياء فلو خليت ونفسها لم تبق بخلاف حصولها وبقائها فإنه لا بد من استنادهما إلى الله تعالى.
وقوله: " والله لا يحب كل مختال فخور " المختال من أخذته الخيلاء وهي التكبر عن تخيل فضيلة تراءت له من نفسه - على ما ذكره الراغب - والفخور الكثير الفخر والمباهاة والاختيال والفخر ناشئان عن توهم الانسان أنه يملك ما أوتيه من النعم باستحقاق من نفسه، وهو مخالف لما هو الحق من استناد ذلك إلى تقدير من الله لا لاستقلال من نفس الانسان فهما من الرذائل والله لا يحبها.
قوله تعالى: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل " وصف لكل مختال فخور يفيد تعليل عدم حبه تعالى. والوجه في بخلهم الاحتفاظ للمال الذي يعتمد عليه اختيالهم وفخرهم والوجه في أمرهم الناس بالبخل أنهم يحبونه لأنفسهم فيحبونه لغيرهم، ولأن شيوع السخاء والجود بين الناس وإقبالهم على الانفاق في سبيل الله يوجب أن يعرفوا بالبخل المذموم.
وقوله: " ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد " أي ومن يعرض عن الانفاق ولم يتعظ بعظة الله ولا اطمأن قلبه بما بينه من صفات الدنيا ونعت الجنة وتقدير الأمور فإن الله هو الغني فلا حاجة له إلى إنفاقهم، والمحمود في أفعاله.
والآيات الثلاث أعني قوله: " وما أصاب من مصيبة - إلى قوله - الغني الحميد " كما ترى حث على الانفاق وردع عن البخل والامساك بتزهيدهم عن الأسى بما فاتهم والفرح بما آتاهم لان الأمور مقدرة مقضية مكتوبة في كتاب معينه قبل أن يبرأها الله سبحانه.
(بحث روائي) في الدر المنثور في قوله تعالى: " ألم يأن " الآية، أخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وابن المنذر عن الأعمش قال: لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأصابوا من لين العيش ما أصابوا بعدما كان بهم من الجهد فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوتبوا فنزلت:
" ألم يأن للذين آمنوا ".
أقول: هذه أعدل الروايات في نزول السورة وهناك رواية عن ابن مسعود قال: ما