ويتربصون ويرتابون وتغرهم الأماني ويغرهم بالله الغرور، وهذه الصفات الخبيثة آفات القلوب فكانت القلوب غير سليمة ولا ينفع يوم القيامة إلا القلب السليم قال تعالى: " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " الشعراء: 89.
قوله تعالى: " فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا " تتمة كلام المؤمنين والمؤمنات يخاطبون به المنافقين والمنافقات ويضيفون إليهم الكفار وهم المعلنون لكفرهم أنهم رهناء أعمالهم كما قال تعالى: " كل نفس بما كسبت رهينة " المدثر: 38، لا يؤخذ منهم فدية يخلصون بها أنفسهم والفدية أحد الامرين الذين بهما التخلص من الرهانة والآخر ناصر ينصر فينجي وقد نفوه بقولهم: " مأواكم النار " الخ.
فقوله: " مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير " ينفي أي ناصر ينصرهم وينجيهم من النار غير النار على ما يفيده قوله: " هي مولاكم " من الحصر، والمولى هو الناصر والجملة مسوقة للتهكم.
ويمكن أن يكون المولى بمعنى من يلي الامر فإنهم كانوا يدعون لحوائجهم من المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمسكن غير الله سبحانه وحقيقته النار فاليوم مولاهم النار وهي التي تعد لهم ذلك فمأكلهم من الزقوم ومشربهم من الحميم وملبسهم من ثياب قطعت من النار وقرناؤهم الشياطين ومأواهم النار على ما أخبر الله سبحانه به في آيات كثيرة من كلامه.
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حتى إذا كان بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم قلنا: من هم يا رسول الله أقريش؟ قال: لا ولكنهم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا. قلنا: أهم خير منا يا رسول الله؟ قال: لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه إلا إن هذا فصل ما بيننا وبين الناس " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل " الآية.