تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٥٥
من النعمة عند غاية ما يتصور من الحاجة.
قوله تعالى: " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم " الخ، اليوم ظرف لقوله: " له أجر كريم " والمراد به يوم القيامة والخطاب في " ترى " للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل سامع يصح خطابه، والظاهر أن الباء في " بأيمانهم " بمعنى في.
والمعنى: لمن أقرض الله قرضا حسنا أجر كريم يوم ترى أنت يا رسول الله - أو كل من يصح منه الرؤية - المؤمنين بالله ورسوله والمؤمنات يسعى نورهم أمامهم وفي أيمانهم واليمين هو الجهة التي منها سعادتهم.
والآية مطلقة تشمل مؤمني جميع الأمم ولا تختص بهذه الأمة، والتعبير عن إشراق النور بالسعي يشعر بأنهم ساعون إلى درجات الجنة التي أعدها الله سبحانه لهم وتستنير لهم جهات السعادة ومقامات القرب واحدة بعد واحدة حتى يتم لهم نورهم كما قال تعالى:
" وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا " الزمر: 73، وقال: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " مريم: 85، وقال: " يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا " التحريم: 8.
وللمفسرين في تفسير مفردات الآية أقوال مختلفة أغمضنا عنها لعدم دليل من لفظ الآية عليها، وسيوافيك ما في الروايات المأثورة في البحث الروائي الآتي إن شاء الله.
وقوله: " بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها " حكاية ما يقال للمؤمنين والمؤمنات يوم القيامة، والقائل الملائكة بأمر من الله والتقدير يقال لهم:
" بشراكم " الخ، والمراد بالبشرى ما يبشر به وهو الجنة والباقي ظاهر.
وقوله: " ذلك هو الفوز العظيم " كلام الله سبحانه والإشارة إلى ما ذكر من سعي النور والبشرى أو من تمام قول الملائكة والإشارة إلى الجنات والخلود فيها.
قوله تعالى: " يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم " إلى آخر الآية، النظر إذا تعدى بنفسه أفاد معنى الانتظار والامهال، وإذا عدي بإلى نحو نظر إليه كان بمعنى إلقاء البصر نحو الشئ وإذا عدي بفي كان بمعنى التأمل، والاقتباس أخذ قبس من النار.
والسياق يفيد أنهم اليوم في ظلمة أحاطت بهم سرادقها وقد ألجئوا إلى المسير نحو دارهم التي يخلدون فيها غير أن المؤمنين والمؤمنات يسيرون بنورهم الذي يسعى بين
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست