الايراء إظهار النار بالقدح، يقال: أورى يوري، قال: ويقال: قدح فأورى إذا أظهر فإذا لم يور يقال: قدح فأكبي، وقال: والمقوي النازل بالقواء من الأرض ليس بها أحد، وأقوت الدار خلت من أهلها. انتهى. والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: " فسبح باسم ربك العظيم " خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. لما ذكر سبحانه شواهد ربوبيته لهم وأنه الذي يخلقهم ويدبر أمرهم ومن تدبيره أنه سيبعثهم ويجزيهم بأعمالهم وهم مكذبون بذلك أعرض عن خطابهم والتفت إلى خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إشعارا بأنهم لا يفقهون القول فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينزهه تعالى عن إشراكهم به وإنكارهم البعث والجزاء.
فقوله: " فسبح باسم " الخ، الفاء لتفريع التسبيح على ما تقدم من البيان، والباء للاستعانة أو الملابسة، والمعنى: فإذا كان كذلك فسبح مستعينا بذكر اسم ربك، أو المراد بالاسم الذكر لان إطلاق اسم الشئ ذكر له كما قيل أو الباء للتعدية لان تنزيه اسم الشئ تنزيه له، والمعنى: نزه اسم ربك من أن تذكر له شريكا أو تنفي عنه البعث والجزاء، والعظيم صفة الرب أو الاسم.
قوله تعالى: " فلا أقسم بمواقع النجوم " " لا أقسم " قسم وقيل: لا زائدة وأقسم هو القسم، وقيل: لا نافية وأقسم هو القسم.
و " مواقع " جمع موقع وهو المحل، والمعنى: أقسم بمحال النجوم من السماء، وقيل:
مواقع جمع موقع مصدر ميمي بمعنى السقوط يشير به إلى سقوط الكواكب يوم القيامة أو وقوع الشهب على الشياطين، أو مساقط الكواكب في مغاربها، وأول الوجوه هو السابق إلى الذهن.
قوله تعالى: " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم " تعظيم لهذا القسم وتأكيد على تأكيد.
قوله تعالى: " إنه لقرآن كريم - إلى قوله - من رب العالمين " لما كان إنكارهم حديث وحدانيته تعالى في ربوبيته وألوهيته وكذا إنكارهم للبعث والجزاء إنما أبدوه بإنكار القرآن النازل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي فيه نبأ التوحيد والبعث كان إنكارهم منشعبا إلى إنكار أصل التوحيد والبعث أصلا، وإلى إنكار ذلك بما أن القرآن ينبئهم به، فأورد تعالى أولا بيانا لاثبات أصل الوحدانية والبعث بذكر شواهد من آياته تثبت ذلك وهو قوله: " نحن خلقناكم - إلى قوله - ومتاعا للمقوين "، وثانيا بيانا يؤكد فيه كون القرآن الكريم كلامه المحفوظ عنده النازل منه ووصفه بأحسن أوصافه.