تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢١٦
وفيه تقريع للقوم حيث كفروا به صلى الله عليه وآله وسلم وبكتابه النازل على لغتهم وهم يعلمون أنها آية معجزة وهم مع ذلك يماثلونه في النوعية البشرية وقد آمن الجن بالقرآن إذ استمعوا إليه ورجعوا إلى قومهم منذرين.
قوله تعالى: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن) إلى آخر الآية الصرف رد الشئ من حالة إلى حالة أو من مكان إلى مكان، والنفر - على ما ذكره الراغب - عدة من الرجال يمكنهم النفر وهو اسم جمع يطلق على ما فوق الثلاثة من الرجال والنساء والانسان وعلى الجن كما في الآية (ويستمعون القرآن) صفة نفر، والمعنى:
واذكر إذ وجهنا إليك عدة من الجن يستمعون القرآن.
وقوله: (فلما حضروه قالوا انصتوا) ضمير (حضروه) للقرآن بما يلمح إليه من المعنى الحدثي والانصات السكوت للاستماع أي فلما حضروا قراءة القرآن وتلاوته قالوا أي بعضهم لبعض: اسكتوا حتى نستمع حق الاستماع.
وقوله: (فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين) ضمير (قضي) للقرآن باعتبار قراءته وتلاوته، والتولية الانصراف و (منذرين) حال من ضمير الجمع في (ولوا) أي فلما أتمت القراءة وفرغ منها انصرفوا إلى قومهم حال كونهم منذرين مخوفين لهم من عذاب الله.
قوله تعالى: (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه) الخ، حكاية دعوتهم قومهم وإنذارهم لهم، والمراد بالكتاب النازل بعد موسى القرآن، وفي الكلام إشعار بل دلالة على كونهم مؤمنين بموسى عليه السلام وكتابه، والمراد بتصديق القرآن لما بين يديه تصديقه التوراة أو جميع الكتب السماوية السابقة.
وقوله: (يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم) أي يهدي من اتبعه إلى صراط الحق وإلى طريق مستقيم لا يضل سالكوه عن الحق في الاعتقاد والعمل.
قوله تعالى: (يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم) المراد بداعي الله هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى: (قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة) يوسف: 108، وقيل: المراد به ما سمعوه من القرآن وهو بعيد.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست