تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٥٧
الأرض بغير والد يولده فلم لا يقولون بأن آدم ابن الله؟
ولو كان المراد بخلقه من تراب انتهاء خلقته كسائر المتكونين من النطف إلى الأرض كان المعنى: أن صفة عيسى ولا أب له كمثل آدم حيث تنتهي خلقته كسائر الناس إلى الأرض، ومن المعلوم أن لا خصوصية لادم على هذا المعنى حتى يؤخذ ويقاس إليه عيسى فيفسد معنى الآية في نفسه ومن حيث الاحتجاج به على النصارى.
وبهذا يظهر دلالة جميع الآيات الدالة على خلق آدم من تراب أو طين أو نحو ذلك، على المطلوب كقوله: (انى خالق بشرا من طين) صلى الله عليه وآله وسلم: 71، وقوله: (وبدأ خلق الانسان من طين) ألم السجدة: 7.
وأما قول من قال: ان المراد بآدم هو آدم النوعي دون الشخصي بمعنى الطبيعة الانسانية الخارجية الفاشية في الافراد، والمراد ببنوة الافراد له تكثر الأشخاص منه بانضمام القيود إليه وقصة دخوله الجنة واخراجه منها لمعصيته باغواء من الشيطان تمثيل تخييلي لمكانته في نفسه ووقوفه موقف القرب ثم كونه في معرض الهبوط باتباع الهوى وطاعة إبليس.
ففيه أنه مدفوع بالآية السابقة وظواهر كثير من الآيات كقوله: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) النساء: 1، فلو كان المراد بالنفس الواحدة آدم النوعي لم يبق لفرض الزوج لها محل ونظير الآية الآيات التي تفيد أن الله أدخله وزوجه الجنة وأنه وزوجه عصيا الله بالاكل من الشجرة.
على أن أصل القول بآدم النوعي مبنى على قدم الأرض والأنواع المتأصلة ومنها الانسان وأن أفراده غير متناهية من الجانبين والأصول العلمية تبطل ذلك بتاتا.
وأما القول بكون النسل منتهيا إلى أفراد معدودين كأربعة أزواج مختلفين ببياض اللون وسواده وحمرته وصفرته أو أزواج من الانسان ناشئين بعضهم بالدنيا القديمة وبعضهم بالدنيا الحديثة والأراضي المكشوفة أخيرا وفيها بشر قاطنون كأمريكا واستراليا.
فمدفوع بجميع الآيات الدالة على انتهاء النسل الحاضر إلى آدم وزوجه فان المراد بآدم فيها اما شخص واحد انساني واما الطبيعة الانسانية الفاشية في الافراد وهو آدم
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست