أقول: وظاهر الآية الكريمة (سبحان الذي اسرى بعبده - إلى قوله - لنريه من آياتنا) يرده، وكذا آيات صدر سورة النجم وفيها مثل قوله: (ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى) على أن الآيات في سياق الامتنان وفيها ثناء على الله سبحانه بذكر بديع رحمته وعجيب قدرته، ومن الضروري ان ذلك لا يتم برؤيا يراها النبي صلى الله عليه وآله وسلم والرؤيا يراها الصالح والطالح وربما يرى الفاسق الفاجر ما هو أبدع مما يراه المؤمن المتقى والرؤيا لا تعد عند عامة الناس الا نوعا من التخيل لا يستدل به على شئ من القدرة والسلطنة بل غاية ما فيها ان يتفاءل بها فيرجى خيرها أو يتطير بها فيخاف شرها.
وفيه اخرج ابن إسحاق وابن جرير عن عائشة قالت: ما فقدت جسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكن الله اسرى بروحه.
أقول: ويرد عليه ما ورد على سابقه على أنه يكفي في سقوط الرواية اتفاق كلمة الرواة وأرباب السير على أن الاسراء كان قبل الهجرة بزمان وانه صلى الله عليه وآله وسلم بنى بعائشة في المدينة بعد الهجرة بزمان لم يختلف في ذلك اثنان والآية أيضا صريحة في اسرائه صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام.
وفيه اخرج الترمذي وحسنه والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقيت إبراهيم ليلة اسرى بي فقال: يا محمد اقرا أمتك منى السلام وأخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وانها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة الا بالله.
وفيه اخرج الطبراني عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لما اسرى بي إلى السماء ادخلت الجنة فوقعت على شجرة من أشجار الجنة لم أر في الجنة أحسن منها ولا ابيض ورقا ولا أطيب ثمرة فتناولت ثمرة من ثمرها فأكلتها فصارت نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فإذا انا اشتقت إلى ريح الجنة شممت ريح فاطمة وفي تفسير القمي عن أبيه عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبيدة عن الصادق عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكثر تقبيل فاطمة فأنكرت ذلك عائشة فقال