قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا (109).
بيان الآية بيان مستقل لسعة كلمات الله تعالى وعدم قبولها النفاد وليس من البعيد أن تكون نازلة وحدها لا في ضمن آيات السورة لكنها لو كانت نازلة في ضمن آياتها كانت مرتبطة بجميع ما بحثت عنه السورة.
وذلك أن السورة أشارت في أولها إلى أن هناك حقائق إلهية وذكرت أولا في تسلية النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن حزنه من إعراضهم عن الذكر أن عامتهم في رقدة عن التنبه لها وسيستيقظون عن نومتهم، وأورد في ذلك قصة أصحاب الكهف ثم ذكر بأمور أورد في ذيلها قصة موسى والخضر حيث شاهد موسى عنه أعمالا ذات تأويل لم يتنبه لتأويلها وأغفله ظاهرها عن باطنها حتى بينها له الخضر فسكن عند ذلك قلقه ثم اورد قصة ذي القرنين والسد الذي ضربه بأمر من الله في وجه المفسدين من يأجوج ومأجوج فحجزهم عن ورود ما وراءه والافساد فيه.
فهذه - كما ترى - أمور تحتها حقائق واسرار وبالحقيقة كلمات تكشف عن مقاصد إلهية وبيانات تنبئ عن خبايا يدعو الذكر الحكيم الناس إليها، والآية - والله أعلم - تنبئ أن هذه الأمور وهي كلماته تعالى المنبئة عن مقاصده لا تنفد والآية في وقوعها بعد استيفاء السورة ما استوفتها من البيان بوجه مثل قول القائل وقد طال حديثه:
ليس لهذا الحديث منتهى فلنكتف بما أوردناه.
قوله تعالى: " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي إلى آخر الآية، الكلمة تطلق على الجملة كما تطلق على المفرد ومنه قوله تعالى: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله " الآية آل عمران: 64 وقد استعملت كثيرا في القرآن الكريم فيما قاله الله وحكم به كقوله: " وتمت كلمة ربك الحسنى على