الهيئات الردية والصفات الخسيسة.
فهو بما انه شفاء يزيل عنها أنواع الأمراض والادواء وبما انه رحمة يعيد إليها ما افتقدته من الصحة والاستقامة الأصلية الفطرية فهو بكونه شفاء يطهر المحل من الموانع المضادة للسعادة ويهيئها لقبولها، وبكونه رحمة يلبسه لباس السعادة وينعم عليه بنعمة الاستقامة. فالقرآن شفاء ورحمة للقلوب المريضة كما أنه هدى ورحمة للنفوس غير الامنة من الضلال، وبذلك يظهر النكتة في ترتب الرحمة على الشفاء في قوله: ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين " فهو كقوله: " هدى ورحمة لقوم يؤمنون: يوسف: 111 وقوله:
" ومغفرة ورحمة " النساء: 96.
فمعنى قوله: " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين " وننزل إليك أمرا يشفى امراض القلوب ويزيلها ويعيد إليها حالة الصحة والاستقامة فتتمتع من نعمة السعادة والكرامة.
وقوله: " ولا يزيد الظالمين الا خسارا " السياق دال على أن المراد به بيان ما للقرآن من الأثر في غير المؤمنين قبال ما له من الأثر الجميل في المؤمنين فالمراد بالظالمين غير المؤمنين وهم الكفار دون المشركين خاصة كما يظهر من بعض المفسرين وانما علق الحكم بالوصف أعني الظلم ليشعر بالتعليل اي ان القرآن انما يزيدهم خسارا لمكان ظلمهم بالكفر.
والخسار هو النقص في رأس المال فللكفار رأس مال بحسب الأصل وهو الدين الفطري تلهم به نفوسهم الساذجة ثم إنهم بكفرهم بالله وآياته خسروا فيه ونقصوا.
ثم إن كفرهم بالقرآن وإعراضهم عنه بظلمهم يزيدهم خسارا على خسار ونقصا على نقص إن كانت عندهم بقية من موهبة الفطرة، وإلى هذه النكتة يشير سياق النفي والاستثناء حيث قيل: " ولا يزيد الظالمين الا خسارا " ولم يقل ويزيد الظالمين خسارا.
وبه يظهر أن محصل معنى الآية أن القرآن يزيد المؤمنين صحة واستقامة على صحتهم واستقامتهم بالايمان وسعادة على سعادتهم وإن زاد الكافرين شيئا فإنما يزيدهم نقصا وخسارا.