وفيه أنه لا يلائم لفظ الآية فقد قيل: " ندعوا كل أناس بإمامهم ولم يقل ندعو الناس بإمامهم أو ندعو كل انسان بأمه ولو كان كما قيل لتعين أحد التعبيرين الأخيرين وما أشير إليه من الرواية على تقدير صحتها وقبولها رواية مستقله غير واردة في تفسير الآية.
على أن جمع الام بالامام لغة نادرة لا يحمل على مثلها كلامه تعالى وقد عد في الكشاف هذا القول من بدع التفاسير.
ومنها: أن المراد به المقتدى به والمتبع عاقلا كان أو غيره حقا كان أو باطلا كالنبي والولي والشيطان ورؤساء الضلال والأديان الحقة والباطلة والكتب السماوية وكتب الضلال والسنن الحسنة والسيئة، ولعل دعوة كل أناس بإمامهم على هذا الوجه كناية عن ملازمة كل تابع يوم القيامة، لمتبوعه، والباء للمصاحبة.
وفيه ما أوردناه على القول بأن المراد به الأنبياء ورؤساء الضلال فالحمل على المعنى اللغوي إنما يحسن فيما لم يكن للقرآن فيه عرف، وقد عرفت أن الامام في عرف القرآن هو الذي يهدي بأمر الله أو المقتدي في الضلال ومن الممكن أن يكون الباء في " بإمامهم " للالة فافهم ذلك.
على أن هداية الكتاب والسنة والدين وغير ذلك بالحقيقة ترجع إلى هداية الامام وكذا النبي إنما يهدي بما أنه إمام يهدي بأمر الله، وأما من حيث إنبائه عن معارف الغيب أو تبليغه ما ارسل به فإنما هو نبي أو رسول وليس بامام، وكذا إضلال المذاهب الباطلة وكتب الضلال والسنن المبتدعة بالحقيقة إضلال مؤسسيها والمبتدعين بها.
قوله تعالى: " فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا " الفتيل هو المفتول الذي في شق النواة، وقيل: الفتيل هو الذي في بطن النواة والنقير في ظهرها والقطمير شق النواة.
وتفريع التفصيل على دعوتهم بإمامهم دليل على أن ائتمامهم هو الموجب لانقسامهم إلى قسمين وتفرقهم فريقين: من اوتى كتابه بيمينه ومن كان أعمى وأضل سبيلا فالامام إمامان: امام هدى وإمام، ضلال وهذا هو الذي قدمناه أن تفريع التفصيل يشهد بكون المراد بالامام أعم من إمام الهدى.