وفيه: اخرج ابن جرير عن المغيرة بن شعبة قال: نزلت هذه الآية في قتل عثمان رضي الله عنه.
أقول: والآية لا تنطبق عليه بسياقها البتة.
وفي المجمع عن الباقر والصادق عليهما السلام والكلبي والزهري: نزلت في أبى لبابة بن عبد المنذر الأنصاري، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بنى النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات وأريحات من ارض الشام فأبى ان يعطيهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فقالوا:
ارسل إلينا أبا لبابة وكان مناصحا لهم لان عياله وماله وولده كانت عندهم فبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتاهم فقالوا: ما ترى يا أبا لبابة؟ أننزل على حكم سعد بن معاذ؟
فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه: انه الذبح فلا تفعلوا فأتاه جبرائيل فأخبره بذلك.
قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي عن مكانهما حتى عرفت انى قد خنت الله ورسوله فنزلت الآية فيه فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد، وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله على فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه ثم تاب الله عليه فقيل له:
يا ابا لبابة قد تيب عليك فقال: لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله هو الذي يحلني فجاءه وحله بيده.
ثم قال أبو لبابة: ان من تمام توبتي ان أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالى. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يجزيك الثلث ان تصدق به.
أقول: قصة أبى لبابة وتوبته صحيحة قابلة الانطباق على مضمون الآيتين غير أنها وقعت بعد قصة بدر بكثير، وظاهر الآيتين إذا اعتبرتا وقيستا إلى الآيات السابقة عليهما ان الجميع في سياق واحد نزلت بعد وقعة بدر بقليل. والله أعلم.