قوله تعالى: (وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا) إلى آخر الآية الأساطير الأحاديث جمع أسطورة ويغلب في الاخبار الخرافية، وقوله حكاية عنهم: (قد سمعنا) وقوله: (لو نشاء لقلنا) وقوله: (مثل هذا) ولم يقل: مثل هذه أو مثلها كل ذلك للدلالة على اهانتهم بآيات الله وإزرائهم بمقام الرسالة، ونظيرها قولهم: (ان هذا الا أساطير الأولين).
والمعنى: وإذا تتلى عليهم آياتنا التي لا ريب في دلالتها على انها من عندنا وهى تكشف عن ما نريده منهم من الدين الحق لجوا واعتدوا بها وهونوا أمرها وأزروا برسالتنا وقالوا قد سمعنا وعقلنا هذا الذي تلى علينا لا حقيقة له الا انه من أساطير الأولين، ولو نشاء لقلنا مثله غير انا لا نعتني به ولا نهتم بأمثال هذه الأحاديث الخرافية.
قوله تعالى: (وان قالوا اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك) إلى آخر الآيتين. الأمطار هو انزال الشئ من فوق، وغلب في قطرات الماء من المطر أو هو استعارة أمطار المطر لغيره كالحجارة وكيف كان فقولهم: أمطر علينا حجارة من السماء بالتصريح باسم السماء للدلالة على كونه بنحو الآية السماوية والاهلاك الإلهي محضا.
فإمطار الحجارة من السماء عليهم على ما سألوا أحد اقسام العذاب ويبقى الباقي تحت قولهم: (أو ائتنا بعذاب أليم) ولذلك نكر العذاب وأبهم وصفه ليدل على باقي اقسام العذاب، ويفيد مجموع الكلام: ان أمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب آخر غيره يكون أليما، وانما أفرد أمطار الحجارة من بين افراد العذاب الأليم بالذكر لكون الرضخ بالحجارة مما يجتمع فيه عذاب الجسم بما فيه من تألم البدن وعذاب الروح بما فيه من الذلة والإهانة.
ثم قوله: (ان كان هذا هو الحق من عندك) يدل بلفظه على أن الذي سمعوه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلسان القال أو الحال بدعوته هو قوله: (هذا هو الحق من عند الله) وفيه شئ من معنى الحصر، وهذا غير ما كان يقوله لهم: هذا حق من عند الله فان القول الثاني يواجه به الذي لا يرى دينا سماويا ونبوة إلهية كما كان يقوله المشركون وهم الوثنية: ما انزل الله على بشر من شئ، واما القول الأول فإنما يواجه به من يرى أن هناك دينا حقا من عند الله ورسالة إلهية يبلغ الحق من عنده ثم ينكر كون ما أتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بعض ما أتى به هو الحق من عند الله تعالى فيواجه بأنه هو