إن نعف عن طائفة منكم) الآية فكان الذي عفا الله عنه مخشى بن حمير فتسمى عبد الرحمن، سأل الله ان يقتل شهيدا لا يعلم بمقتله فقتل باليمامة لا يعلم مقتله ولا من قتله ولا يرى له أثر ولا عين.
أقول: وقصة مخشى بن حمير وردت في عدة روايات غير أنها على تقدير صحتها لا تستلزم نزول الآيات فيها على ما بينها وبين مضامين الآيات من البون البعيد.
وليس من الواجب علينا إذا عثرنا على شئ من القصص الواقعة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي قصة كانت ان نلجم بها آية من آيات القرآن الكريم ثم نعود فنفسر الآية بالقصة ونحكمها عليها.
وفي الدر المنثور اخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: ما أشبه الليلة بالبارحة كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة إلى قوله وخضتم كالذي خاضوا هؤلاء بنو إسرائيل أشبهناهم والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل رجل جحر ضب لدخلتموه أقول: ورواه في المجمع أيضا عنه.
وفي المجمع عن تفسير الثعلبي عن أبي هريرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لتأخذن كما اخذت الأمم من قبلكم ذراعا بذراع وشبرا بشبر وباعا بباع حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله كما صنعت فارس والروم وأهل الكتاب؟ قال: فهل الناس إلا هم؟
وفيه أيضا عن تفسير الثعلبي عن حذيفة قال: المنافقون الذين فيكم اليوم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قلنا: وكيف؟ قال: أولئك كانوا يخفون نفاقهم وهؤلاء أعلنوه.
وفي العيون بإسناده عن القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال:
سألت الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: (نسوا الله فنسيهم) فقال: إن الله تبارك وتعالى لا ينسى ولا يسهو، وإنما ينسى ويسهو المخلوق المحدث ألا تسمعه عز وجل يقول: (وما كان ربك نسيا)، وإنما يجازى من نسيه ونسى لقاء يومه ان ينسيهم أنفسهم كما قال عز وجل: (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم