فقام الجلاس فقال: يا رسول الله أسمع الله قد عرض على التوبة صدق عامر ابن قيس فيما قال لك لقد قلته وأنا استغفر الله وأتوب إليه، فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك منه. عن الكلبي ومحمد بن إسحاق ومجاهد.
وقيل: نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول حين قال: (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل). عن قتادة.
وقيل: نزلت في أهل العقبة فإنهم ائتمروا في أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عقبة عند مرجعهم من تبوك، وأرادوا ان يقطعوا أنساع راحلته ثم ينخسوا به فأطلعه الله على ذلك، وكان من جملة معجزاته لأنه لا يمكن معرفة مثل ذلك إلا بوحي من الله تعالى.
فسار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العقبة، وعمار وحذيفة معه، أحدهما يقود ناقته والاخر يسوقها وأمر الناس كلهم بسلوك بطن الوادي، وكان الذين هموا بقتله اثنى عشر رجلا أو خمسة عشر رجلا على الخلاف فيه عرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسماهم واحدا واحدا، عن الزجاج والواقدي والكلبي، والقصة مشروحة في كتاب الواقدي.
وقال الباقر عليه السلام: كانت ثمانية منهم من قريش وأربعة من العرب.
أقول: والذي ذكره رحمه الله مما جمعه واختاره من الروايات مروية في كتب التفسير بالمأثور وجوامع الحديث من كتب الفريقين وهناك روايات أخرى تركها وأحرى بها ان تترك فتركنا أكثرها كما ترك.
وأما الذي أورده من الروايات فشئ منها لا ينطبق على الآيات غير حديث العقبة الذي أورده تارة في تفسير الآية الأولى: (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة الآية، وتارة في تفسير الآية: (يحلفون بالله ما قالوا) الآية.
وأما سائر الروايات الواردة فإنما هي روايات تتضمن من متفرقات القصص والوقائع ما لو صحت وثبتت كانت من قصص المنافقين من غير أن ترتبط بهذه الآيات وهى كما عرفت في البيان السابق إحدى عشرة آية متصل بعضها ببعض مسرودة لغرض واحد، وهو الإشارة إلى قصة من قصص المنافقين هموا فيها باغتيال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتكلموا عند ذلك بكلمة الكفر فحال الله سبحانه بينهم وبين ان ينالوا ما هموا به فسألهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أمرهم وما تفوهوا به فأولوا فعلهم وأنكروا قولهم وحلفوا على ذلك فكذبهم الله تعالى فيه.